في الوقت الذي تُستنزف فيه ميزانيات ضخمة من المال العام لتنظيم مهرجانات “الترفيه” وسهرات “البهرجة” تحت مسميات تنموية فضفاضة، تأتي قطرات الغيث لتكشف المستور وتضع المسؤولين أمام حقيقة مرة؛ حقيقة تختصرها معاناة ساكنة دوار أمگدول – أيت موسى، التابع لجماعة سيدي عبد الله الوشواري بإقليم اشتوكة أيت باها.

من المفارقات العجيبة في تدبير الشأن المحلي، أن نجد مبالغ مرصودة بسخاء لمنصات الغناء واحتفالات عابرة، في حين تظل المسالك الطرقية – التي هي شريان الحياة – في حالة يرثى لها. فبمجرد هطول التساقطات المطرية الأخيرة، تحولت المسالك المؤدية إلى دوار “أمگدول” إلى “فخاخ” وعرة ومستنقعات من الحفر والانجرافات (كما توثق الصورة المرفقة)، مما تسبب في عزلة خانقة وضعت الساكنة في “سجن مفتوح” خلفته وعورة التضاريس وإهمال المسؤولين.

إن هذه العزلة ليست مجرد مشهد عابر، بل هي معاناة يومية تعيشها الفئات الهشة؛ فكيف لمريض أن يصل إلى المستشفى فوق مسلك جرفته الأمطار؟ وكيف لتلاميذ المدارس وكبار السن أن يتنقلوا في ظل انقطاع شبه كلي عن الطريق الرئيسية؟ إن الوضع القائم يطرح علامات استفهام كبرى حول أولويات المجالس المنتخبة: أليس إصلاح طريق يضمن كرامة العيش أولى من تبديد الأموال في مهرجانات لا تغني ولا تسمن من جوع؟

أمام هذا التردي الخطير، لم يجد سكان “أمگدول” بداً من توجيه صرخة استغاثة إلى كل من رئيس جماعة سيدي عبد الله الوشواري وعامل إقليم اشتوكة أيت باها. إن المطلب اليوم لم يعد “ترفاً”، بل هو استحقاق دستوري وحق في الولوج للخدمات الأساسية، انسجاماً مع التوجيهات الملكية السامية الداعية إلى تقليص الفوارق المجالية والنهوض بالعالم القروي.
إن ساكنة دواوير “أدرار” اليوم لا تحتاج إلى وعود انتخابية أو حفلات موسمية، بل تحتاج إلى جرافات تُصلح ما أفسدته الأمطار، وإلى إرادة سياسية حقيقية تضع “الإنسان” و”البنية التحتية” في صلب اهتماماتها.
فهل ستتحرك الجهات المسؤولة لفك هذه العزلة، أم أن شعار “التنمية القروية” سيظل حبراً على ورق، يمحوه أول زُخات مطر؟













