يجمع المتتبعون للشأن المحلي في إقليم اشتوكة آيت باها على حقيقة مرة: التحديات التنموية التي يواجهها الإقليم اليوم ليست سوى ثمرة لسنوات طويلة من الفساد وسوء التدبير. عقود من الاختلالات المتراكمة حوّلت الإقليم إلى بؤرة لمظاهر الفساد، وجعلت من أي مسار إصلاحي مهمة شبه مستحيلة، ما لم يتم فتح ملفات الماضي بجرأة وربط المسؤولية بالمحاسبة.
لطالما كان إقليم اشتوكة آيت باها، بطبيعته الفلاحية وموقعه الاستراتيجي، يملك مقومات واعدة لتحقيق تنمية شاملة. لكن، وعلى مرّ سنوات طويلة، أُهدرت هذه الفرص الثمينة بسبب ممارسات أضرت بالمال العام وأعطت الأولوية للمصالح الخاصة على حساب المصلحة العامة. فمن مشاريع لم تكتمل، إلى صفقات مشبوهة، مروراً بغياب التخطيط السليم، كل هذه المظاهر رسخت واقعاً صعباً يعاني منه اليوم السكان.
إن محاولات الإصلاح الحالية، رغم أهميتها، تبدو كأنها تُبنى على أرض هشة. فكيف يمكن المضي قدمًا نحو مستقبل أفضل دون معالجة جذور المشكلة؟ كيف يمكن الحديث عن حوكمة رشيدة وتنمية مستدامة في ظل غياب المحاسبة عن الأخطاء والانتهاكات التي ارتكبت في الماضي؟
الرهان اليوم ليس فقط على إطلاق مشاريع جديدة أو وضع خطط مستقبلية، بل هو في المقام الأول على تطهير الماضي. يجب أن يُفتح تحقيق شامل في الاختلالات التي شابت التسيير في الإقليم، وأن يُحاسب كل من تورط في هدر المال العام أو استغلال النفوذ. هذا الإجراء ليس فقط عقابًا للمخطئين، بل هو رسالة واضحة لكل من يفكر في انتهاج نفس المسلك مستقبلًا.
إن سكان اشتوكة آيت باها ينتظرون إشارات قوية بأن الدولة عازمة على وضع حد لعقود من الإفلات من العقاب. فالمحاسبة ليست انتقامًا، بل هي أساس العدالة والشفافية. وحدها المحاسبة الجريئة يمكن أن تفتح الباب على مصراعيه أمام إصلاح حقيقي، وتُعيد الثقة للمواطنين في مؤسساتهم المحلية، وتُعطي الأمل في أن التنمية المنشودة لم تعد مجرد حلم بعيد المنال.