قضاة العدوي يحلون بالمجلس الإقليمي لاشتوكة آيت باها

حلّ قضاة المجلس الجهوي للحسابات  بمقر المجلس الإقليمي لاشتوكة آيت باها، في إطار مهامهم الرقابية الدورية التي تستهدف افتحاص التدبير المالي والإداري للمؤسسة. وتأتي هذه الزيارة في سياق تصاعد الانتقادات الموجهة للمجلس، خصوصًا في ما يتعلق بملف كراء المقر الإداري وتعثر عدد من المشاريع الأساسية بالإقليم.

كراء المقر… صفقة مثيرة للجدل
أحد أبرز الملفات التي لفتت انتباه الرأي العام هو صفقة كراء مقر المجلس الإقليمي، والتي أثارت العديد من علامات الاستفهام حول دوافعها وشروطها. فحسب المعطيات المتوفرة، اختار المجلس استئجار مقر إداري بقيمة 22.500 درهم شهريًا، رغم توفره على وعاء عقاري داخل النفوذ الترابي للعمالة، كان من الممكن استغلاله لبناء مقر دائم يوفر ظروف عمل لائقة.

ما زاد من حدة الجدل هو أن المقر المستأجر يفتقر لأبسط التجهيزات، بما فيها قاعة الاجتماعات، ما يدفع المجلس إلى عقد دوراته بشكل دائم داخل مقر العمالة. ووفق تصريحات عدد من المستشارين، فإن صفقة الكراء تمت في “ظروف مشبوهة” ولم تحترم قواعد المنافسة الشفافة، معتبرين أن هذه السياسة تعكس سوء تقدير في تدبير المال العام وتكريسًا لنمط يعتمد على الكراء بدل التفكير في الاقتناء والاستثمار المستدام في البنية الإدارية.

تعثر المشاريع وتراكم الإخفاقات
قضاة المجلس الجهوي، وفق ما أفادت به مصادر الجريدة، انكبوا خلال زيارتهم على تفحص ملفات التسيير المالي للمجلس خلال السنوات الأخيرة، إلى جانب الاطلاع على مآل عدد من المشاريع التي لم تعرف أي تقدم ملموس. ويطالب عدد من الأعضاء داخل المجلس بأن تمتد مهمة قضاة المجلس إلى البحث في أسباب تعثر هذه المشاريع، والوقوف على مكامن الخلل في التخطيط والتنفيذ والتتبع.

ويؤكد هؤلاء أن مشاريع حيوية بالإقليم إما ظلت في رفوف الوثائق أو انطلقت دون استكمال، ما يمثل هدرًا للمال العام ويؤثر سلبًا على التنمية المحلية.

النقل المدرسي والبنية التحتية… فصول من الإهمال
الملفات الخلافية لا تتوقف عند العقار والمشاريع المتعثرة، بل تمتد إلى قطاع النقل المدرسي، الذي يعرف ضعفًا حادًا في الأسطول وقلة في الدعم، ما يؤدي إلى حرمان عدد من التلاميذ، خاصة الفتيات في المناطق القروية، من متابعة دراستهم بانتظام.

كما تعاني جماعات ترابية عديدة من ضعف في البنية التحتية الطرقية، وسط تساؤلات حول دور المجلس الإقليمي في فك العزلة عن الدواوير، وهو أحد أبرز اختصاصاته. ففي الوقت الذي تراهن فيه الدولة على المجالس الإقليمية كرافعة للتنمية المجالية، يسجل المتتبعون غيابًا شبه تام للمجلس في هذا الورش الحيوي داخل إقليم شتوكة.

المحاسبة على المحك
زيارة قضاة المجلس الجهوي للحسابات للمجلس الإقليمي لاشتوكة آيت باها ليست مجرد تفقد روتيني، بل هي محطة حاسمة لإعادة ترتيب أوراق التدبير المحلي، وربط المسؤولية بالمحاسبة. فهي تأتي في وقت تشتد فيه المطالب الشعبية بضرورة تدقيق الصفقات، وتحقيق الشفافية، وترشيد النفقات، خاصة مع اتساع الهوة بين حجم الموارد المتاحة والمردودية الملموسة على مستوى الخدمات.

المواطنون اليوم يتطلعون إلى أن لا تبقى هذه الزيارة حبراً على ورق التقارير، بل أن تشكل منعرجًا حقيقيًا نحو مساءلة جادة، تكشف مكامن الهدر، وتصحح مسار مؤسسة يفترض فيها أن تكون في صلب معادلة التنمية الترابية.

في انتظار ما ستُسفر عنه التحقيقات والافتحاصات الجارية، يظل المجلس الإقليمي أمام امتحان عسير: إما أن يثبت قدرته على التغيير والمحاسبة، أو أن يرسّخ واقعًا يتقاطع فيه الإهمال بالتبذير، والصمت بالتواطؤ.

الأخبار ذات الصلة

1 من 745

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *