وفاة سائحة سويسرية بعد خدش كلب ضال بتغازوت: حادث مأساوي يكشف هشاشة الوقاية الصحية وسوء تدبير الكلاب الشاردة

في مشهد مؤلم ومثير للقلق، لفظت سائحة سويسرية أنفاسها الأخيرة بجماعة تغازوت السياحية شمال أكادير، بعدما تدهورت حالتها الصحية بشكل مفاجئ نتيجة تعرضها لخدش بسيط من طرف كلب ضال. ورغم تلقيها لحقنة وقائية مضادة لداء الكلب بمركز صحي محلي، لم تنجُ من مضاعفات خطيرة أودت بحياتها بعد أيام قليلة، ما أثار موجة صدمة وسط زوار المنطقة وسكانها.

الحادث الذي وقع في إحدى الوجهات السياحية البارزة بالمغرب، يعيد إلى الواجهة النقاش المتجدد حول مدى فعالية البروتوكولات الصحية المتبعة في مواجهة خطر داء الكلب، خصوصاً في المناطق التي تعرف توافداً سياحياً كبيراً، والتي ينبغي أن تكون، بحسب المتتبعين، نموذجاً في اليقظة الصحية وسرعة التدخل.

وفي الوقت الذي لا تزال فيه تفاصيل الوفاة قيد التحقيق من قبل الجهات الصحية المختصة، تسود حالة من الغضب والاستياء وسط ساكنة تغازوت وعدد من الفاعلين في القطاع السياحي، الذين اعتبروا أن الحادث يعكس “فشلاً ذريعاً” في محاربة ظاهرة الكلاب الشاردة، التي تشكل منذ سنوات مصدر قلق دائم، ليس فقط للسكان بل أيضاً للسياح الأجانب.

وتتزايد حدة القلق بعد تسجيل حالات مشابهة، آخرها تعرض شابة  لعضة كلب ضال بشاطئ أكادير، ما يستدعي، وفق جمعيات مدنية وحقوقية، إعلان حالة استنفار حقيقية ووضع خطة عاجلة للقضاء على هذه الظاهرة أو على الأقل الحد من تداعياتها الصحية الخطيرة.

ضعف البنية الوقائية ومحدودية التغطية الطبية

تطرح الحادثة أيضاً تساؤلات جدية حول جودة الخدمات الطبية المقدمة في المراكز الصحية بالمنطقة، خصوصاً ما يتعلق بتوفر اللقاحات الضرورية والاحتياطات المتبعة بعد حالات الخدش أو العضة، ومدى نجاعة المتابعة الطبية اللاحقة. فبينما يُفترض أن تكون الجرعة الوقائية التي تلقتها الضحية كافية مبدئياً لتفادي الإصابة بداء الكلب، إلا أن وفاتها المفاجئة تضع علامات استفهام كبرى حول فعالية اللقاح أو توقيت إعطائه، بل وحتى ظروف حفظه وجودته.

وفي ظل غياب بيان رسمي من وزارة الصحة إلى حدود اللحظة، يتساءل كثيرون عن مدى جاهزية المنظومة الصحية للتعامل مع مثل هذه الحالات، خاصةً في مناطق تعرف توافداً سياحياً مكثفاً وتعتبر واجهة دولية لصورة البلاد.

دعوات إلى حملة شاملة وتدخل عاجل

من جهتها، دعت فعاليات جمعوية وسياحية إلى ضرورة التعجيل بإطلاق حملة شاملة لمحاربة الكلاب الضالة بتغازوت والنواحي، عبر تنسيق الجهود بين وزارة الداخلية، والمجالس الجماعية، والمصالح البيطرية، ووزارة الصحة، إلى جانب تشديد الرقابة على شروط السلامة الصحية في الفضاءات العامة، خاصة الشواطئ ومحيط الفنادق والمواقع الطبيعية.

كما طالب آخرون بإعادة النظر في تدبير ملف الكلاب الشاردة، عبر اعتماد مقاربة شاملة لا تقتصر على الترحيل أو الإعدام، بل تتضمن أيضاً برامج تلقيح منتظمة، وتحديد مناطق عزل آمنة للحيوانات المصابة، وتفعيل آليات الإنذار الصحي المبكر في حال رصد حالات اشتباه.

حادث يُفترض أن لا يتكرر

وفاة سائحة بسبب خدش من كلب ضال، في منطقة تعتبر من أبرز وجهات السياحة الإيكولوجية في المغرب، لا ينبغي أن تمر مرور الكرام. فهي ليست فقط مأساة إنسانية لعائلة الضحية، بل إنذار صريح بفشل منظومة الوقاية الصحية والتدبير الترابي للسلامة العامة.

وفي ظل استحضار الاستحقاقات السياحية والرهانات التنموية للمنطقة، يبدو أن الوقت قد حان لاتخاذ قرارات حاسمة تتجاوز المسكنات المؤقتة، وتضع صحة المواطنين والزوار في صدارة الأولويات.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 744

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *