كل موسم فلاحي في المغرب يتحول إلى ساحة صراع حقيقية، ليس بسبب سوء المحاصيل، بل بسبب الفوضى والمخاطر التي تشكلها الآلات الزراعية التي يقال عنها «حديثة الجيل»، لكنها في الواقع تبدو وكأنها من زمن بعيد، ولا سيما الحصادات المعروفة.
وفي حادث مؤلم، لقي فلاح في الستين من عمره حتفه يوم الاثنين في غابة قرب الرشيدية، بعدما تعرض لحادث مع إحدى هذه الآلات أثناء تأديته لعمله، هذا المشهد المأساوي يتكرر سنويا، لكنه لا يثير حفيظة الجهات المسؤولة.
رغم التحذيرات المتكررة، لا توجد مراقبة أو تنظيم حقيقي لهذه الآلات، مما يؤدي إلى حوادث مميتة متكررة تترك العائلات والقرى في حداد.
لكن حان الأوان لأن تتخذ الجهات المختصة إجراءات صارمة تجاه استخدام هذه الآلات التي يقودها في كثير من الأحيان أشخاص بدون تدريب أو إشراف مناسب، في مناطق قروية تفتقر لأدنى شروط السلامة.
إلى جانب غياب الرقابة والتدريب، يعاني الموسم الفلاحي في المغرب من ضعف التوعية بأهمية السلامة المهنية بين الفلاحين أنفسهم. فالكثير منهم لا يملكون المعلومات الكافية حول كيفية التعامل الصحيح مع هذه الآلات الخطيرة، ولا يتوفرون على معدات الحماية الشخصية الضرورية، مما يزيد من احتمال وقوع الحوادث المؤسفة.
كما يظل التمويل والدعم التقني للفلاحين الصغار محدودا، مما يدفعهم أحيانا للاعتماد على آليات قديمة أو غير صالحة، تزيد من مخاطر العمل في الحقول. ولهذا، لا بد من إطلاق حملات تحسيسية شاملة، إضافة إلى برامج تدريبية مستمرة، ودعم مالي وتقني يهدف إلى تحديث المعدات وضمان سلامة المستخدمين، كي يتحول الموسم الفلاحي إلى فرصة للنجاح والإنتاج، وليس إلى مأساة سنوية متكررة.