شهد صيف 2025 مأساوتين إنسانيتين مؤلمتين على شواطئ شمال إفريقيا، تجمعهما براءة الضحايا الصغيرة وعنف القدر الموحش، وكأنهما تذكير صارخ بمدى هشاشة الحياة أمام قسوة الطبيعة وأخطاء البشر.
في تونس، فقدت عائلة فرنسية من أصل تونسي صغيرتها مريم ذات الثلاث سنوات، التي كانت تحلم بلحظات هدوء وسلام على شواطئ قليبية، لكنها تحولت إلى مأساة مأساوية بعد أن جرفتها موجة قوية وهي تلعب قرب والدتها. رغم تعبئة السلطات لكل الإمكانيات الممكنة من فرق خفر السواحل والغواصين والمروحيات، لم تسعف الجهود في إنقاذ الطفلة، واُكتشفت جثتها على بعد 25 كيلومترًا من مكان الاختفاء، محولة بذلك الألم إلى حقيقة دامية وقاسية على قلوب الجميع.
وفي المغرب، لم يكن البحر هو السبب هذه المرة، بل الاستهتار البشري والتهور، حين دهست دراجة مائية تقودها شخص متهور طفلة صغيرة تلعب على رمال شاطئ سيدي رحال. الطفلة لا تزال في حالة حرجة، معلقة بين الحياة والموت، لتبرهن على أن الإهمال واللامبالاة قد يخلقان مآسي لا تقل عن قسوة الطبيعة.
هاتان الحادثتان المؤلمتان تلقيان الضوء على ضرورة تعزيز إجراءات السلامة والأمن في المناطق الساحلية، وضبط وتحكم صارم في نشاطات الترفيه البحري، كما تبرز أهمية رفع مستوى الوعي المجتمعي حول مخاطر الإهمال، خاصة تجاه الأطفال.
إنها دعوة ملحة للمسؤولين والمجتمع المدني معًا للعمل على حماية براءة الأطفال، عبر تأمين بيئات لعب آمنة ومراقبة صارمة، إلى جانب تأهيل وتثقيف مرتادي الشواطئ والمناطق السياحية للالتزام بالقوانين واحترام الحياة البشرية. لا يمكن أن تكون الشواطئ ساحات موت أو أزمات، بل يجب أن تكون ملاذات للراحة والفرح، والحفاظ على حياة أبنائنا واجب إنساني وأخلاقي لا تحتمل المماطلة.
صيف 2025، يبقى في الذاكرة علامة حزينة، ولكنه يحمّلنا جميعًا مسؤولية التحرك الجاد، لتفادي تكرار مثل هذه المآسي، وتوفير الحماية التي يستحقها كل طفل، وكل عائلة تسعى إلى الاستمتاع بأمان على ضفاف البحر.