يواجه المدير المعين حديثًا للمستشفى الإقليمي بإنزكان تركة ثقيلة من المشاكل المتراكمة، أبرزها الاكتظاظ الخانق وسوء الأوضاع بجناح الأمراض النفسية، ما يستدعي تدخلًا عاجلاً وحاسمًا من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية. فالأطر الصحية العاملة في هذا القسم تعيش على وقع احتجاجات متواصلة، منددة بما وصفته بـ”الوضع الكارثي” الذي يعيشه المرفق، في ظل غياب أدنى شروط العمل اللائق والآمن.
بيئة عمل غير آمنة ومخاطر متفاقمة
تأتي هذه التحركات المهنية إثر تراكم اختلالات خطيرة أثرت سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمرضى، وتهدد سلامة الأطقم الطبية والنزلاء على حد سواء. فغابت الأدوية الأساسية للعلاج النفسي، ما يضع المرضى في وضعية صحية حرجة ويعقد مهام الطاقم الطبي في التحكم في الأعراض والسلوكيات الناتجة عن الاضطرابات النفسية.
وما يزيد الطين بلة، أن العاملين يواجهون متابعات قضائية متكررة بسبب حالات هروب المرضى، في ظل غياب وسائل الحماية والدعم الضرورية، ما يحملهم مسؤولية كبيرة تفوق طاقاتهم. كما أن اختلاط المرضى المدنيين بسجناء يعانون من اضطرابات نفسية يثير مخاوف أمنية جدية، خصوصًا في غياب آليات الفصل والمراقبة الدقيقة. وتزداد التحديات مع غياب الملفات الصحية للمرضى الجدد، ما يضع الطاقم الطبي أمام حالات مجهولة التشخيص والتاريخ العلاجي، ويعقد تحديد التدخلات المناسبة.
اكتظاظ يفوق الطاقة الاستيعابية بأضعاف
يؤكد مصطفى كانون، الكاتب الجهوي للجامعة الوطنية لقطاع الصحة بسوس ماسة، أن ظروف الاستشفاء بقسم الأمراض النفسية بإنزكان “غير جيدة ولا تتلاءم وحاجيات التطبيب”، ما يؤثر سلبًا على مردودية وظروف عمل الأطر الصحية. ويوضح أن الاحتجاجات تأتي بعد مراسلات عديدة للجهات المعنية لم تلق أي تجاوب فعال.
الأرقام تتحدث عن نفسها: الطاقة الاستيعابية للمستشفى لا تتعدى 70 سريرًا، لكنها تتجاوز ذلك باستمرار لتصل إلى 140 ثم 160 مريضًا في أحيان كثيرة، وهو ما يلخص الظروف المزرية لعيش واستقرار المرضى داخل المستشفى.
نقص حاد في الخدمات الأساسية
يُضاف إلى هذا الاكتظاظ نقص حاد في الخدمات الأساسية. فالمرضى يعانون من أزمة عطش ونظافة بسبب عدم توفر المياه في بعض غرف العزل، ما يفاقم من أزمة النظافة ويجعل الوضع كارثيًا. كما أن نقص الكهرباء في العديد من أجنحة المستشفى يضطر الأطر العاملة إلى استخدام الهواتف النقالة عند تقديم العلاج، في غياب تام لشروط السلامة للمريض والممرض على حد سواء.
هذا الوضع القائم تسبب للعديد من أفراد الأسرة الطبية بالمستشفى في أزمات نفسية نتيجة الضغوطات ومحيط العمل السيئ. ويُحمّل كانون المسؤولية عما آلت إليه الأوضاع إلى المصالح الإقليمية والجهوية لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية.
دعوة عاجلة للتدخل
أمام هذا الواقع المأساوي، تطالب الأطر الصحية الجهات الوصية بضرورة التدخل العاجل لإعادة الاعتبار لهذا القسم الحيوي، وتوفير الحد الأدنى من الشروط التي تضمن سلامة العاملين والنزلاء، وصيانة كرامة المريض النفسي، بعيدًا عن منطق الإهمال والتهميش.
هل ستستجيب وزارة الصحة والحماية الاجتماعية لصرخة الاستغاثة هذه، وتتحرك لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في قسم الأمراض النفسية بالمستشفى الإقليمي بإنزكان؟ يبقى السؤال معلقًا، والأرواح المعرضة للخطر تنتظر.