يُعدّ أعوان السلطة أحد أهم الركائز الميدانية في منظومة الإدارة الترابية بالمغرب، فهم العيون اليقظة للإدارة، والجسر الذي يربط بين المواطن والسلطة المحلية. ورغم الدور المحوري الذي يقومون به في ضبط الشأن المحلي وتتبع مختلف التحولات داخل الأحياء والقرى، إلا أنهم يشتغلون في ظروف صعبة ومخاطر متزايدة، دون أن تحظى تضحياتهم غالباً بما يكفي من الاهتمام والحماية.
يقوم أعوان السلطة، من مقدمين وشيوخ، بمهام يومية لا تتوقف. هذه المهام تشمل مراقبة البناء غير القانوني، ضبط المخالفات، تتبع الحالات الاجتماعية، تسهيل ولوج المواطنين إلى الوثائق الإدارية، والمساهمة في حفظ الأمن والاستقرار. هذه المهام تُنفّذ في أغلب الأحيان في ظروف ميدانية معقدة، وتحت ضغوط اجتماعية قد يتعرضون خلالها للاستفزاز أو التهديد أو الاعتداء.
إن حساسية المهام الموكلة إليهم، خاصة في مجالات تطبيق القانون التي تثير مقاومة من المخالفين، تضعهم في مواجهة مباشرة مع الخطر.
اعتداء صادم ببيوكرى يكشف حجم الهشاشة
بينما تبقى حالات تورط بعض أعوان السلطة في قضايا غير قانونية محدودة جداً ولا تمثل إلا استثناءات معزولة، فإن ما يستأثر بالاهتمام هو كثرة الاعتداءات التي تستهدفهم أثناء أداء مهامهم.
آخر هذه الحوادث وقع بمدينة بيوكرى، حيث تعرض عون سلطة بقيادة الصفاء لاعتداء خطير داخل مقهى بشارع مولاي رشيد. الجاني باغت العون بطعنة غادرة على مستوى العنق بواسطة سلاح أبيض. ويُرجح أن هذا الحادث مرتبط بتدخلات الضحية في محاربة البناء العشوائي، وهي من أبرز المجالات الحساسة التي يواجهون فيها عنف المخالفين.
وقد أدى تدخل عدد من المواطنين بسرعة إلى ثني المعتدي عن مواصلة هجومه، قبل أن تتمكن عناصر الشرطة من توقيفه وفتح تحقيق تحت إشراف النيابة العامة. ورغم نقل عون السلطة إلى المستشفى لتلقي الإسعافات، فإن هذه الواقعة تكشف حجم المخاطر التي يتعرض لها هؤلاء الجنود الميدانيون، وتسلط الضوء على هشاشة بيئة عملهم.
استثناءات لا تُلغي أهمية القاعدة
من الضروري التأكيد على أن الوقائع المعزولة التي قد يتورط فيها بعض أعوان السلطة عبر السنوات في قضايا فساد أو سوء استعمال للسلطة، تبقى استثناءات محدودة جداً مقارنة بالعدد الهائل من الأعوان العاملين عبر التراب الوطني. الغالبية الساحقة من هذه الفئة تمارس مهامها بجدية وانضباط، وتتعرض لضغوط وتحديات مهنية دون أن تتجاوز الخطوط القانونية.
دعوة لتعزيز الحماية والاعتراف
هذا النوع من الاعتداءات يطرح من جديد ضرورة تعزيز حماية أعوان السلطة أثناء أداء مهامهم، وتوفير الظروف القانونية واللوجستية التي تضمن سلامتهم، خصوصاً في الملفات الحساسة.
كما يدعو إلى الاعتراف بالمجهودات اليومية التي تقوم بها هذه الفئة، وإعادة النظر في وضعيتها المهنية والاجتماعية، وتحسين ظروف عملها وتكوينها. أعوان السلطة هم جنود ميدانيون يعملون في صمت، يخاطرون بحياتهم في سبيل خدمة المواطنين وترسيخ سيادة القانون.
حان الوقت لإعادة الاعتبار لهذه الفئة، ودعمها بما يلزم من حماية وقوانين، لضمان استمرارهم في أداء دورهم الحيوي دون خوف.














