كان من المقرر أن يشهد يوم الخميس القادم احتفالية تنموية هامة في إقليم اشتوكة آيت باها، حيث كان منتظراً أن يُشرف عامل الإقليم على تدشين الطريق الجماعية الرابطة بين “المرس الجديد” و “أيت العسري الجديد” بجماعة بلفاع. المشروع، الذي يُموّل من صندوق التنمية القروية (FDR) في إطار البرنامج الطموح لتقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، كان يهدف إلى فك العزلة عن الساكنة المحلية وتعزيز البنية التحتية، ليتحول اليوم إلى نقطة استفهام كبيرة وشبهة فساد تُهدد مصداقية الأوراش العمومية.
ما اتضح في الساعات الأخيرة، قبيل التدشين المرتقب، هو أن هذا المشروع الحيوي لم يرقَ إطلاقاً إلى مستوى التطلعات ولا إلى المعايير الهندسية المطلوبة. فقد أفادت فعاليات مدنية وبعض أعضاء المجلس الجماعي بتفاصيل مثيرة تشير إلى أن الأشغال التي تم إنجازها لا ترقى إلى مستوى “طريق معبدة”، بل تبدو شبيهة بمسلك ترابي عادي.
ووفقاً للتصريحات التي حصلنا عليها، فإن الطريق تظهر عليها بوضوح الحصى والأتربة على السطح، ما يُنذر بتآكلها السريع وعدم قدرتها على الصمود أمام عوامل الزمن والاستعمال. هذا التردي في الجودة فتح الباب واسعاً أمام التساؤلات بشأن آليات التنفيذ والرقابة.
اتهامات بـ “الغش” وعدم احترام المعايير
يؤكد مواطنون من المنطقة أن الأشغال كانت “مغشوشة من الأصل”، مشيرين إلى أن المقاولة المكلفة بالمشروع لم تحترم المعايير التقنية المطلوبة. وتتمحور الاتهامات حول الاعتماد على خليط رديء من التراب و”الكرافيت”، مع الاكتفاء بـ “رش خفيف لمادة الكودرون”، بدلاً من تطبيق الطبقات الأساسية والسطحية وفقاً لدفتر التحملات.
ويشكل هذا الوضع طعنة في صميم برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية، الذي رصدت له الدولة ميزانيات ضخمة لضمان تنمية حقيقية ومستدامة في المناطق القروية. فإذا كانت المشاريع التنموية تُنفذ بهذا الشكل، فإنها لن تؤدي إلا إلى إهدار للمال العام وتكريس لشعور الساكنة بالإقصاء.
وفي ظل هذه التطورات، تصاعدت المطالب المحلية بضرورة فتح تحقيق فوري وشفاف في شبهات الفساد التي شابت إنجاز هذه الطريق. وتدعو الفعاليات المدنية الجهات المختصة، وعلى رأسها عامل الإقليم و المجلس الجهوي للحسابات، إلى التدخل العاجل لـ جرد وافتحاص مراحل الإنجاز والمواد المستعملة، وتحديد المسؤوليات، واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد كل من ثبت تورطه في الإخلال بالمعايير التقنية والتلاعب بالجودة.
