شهد المجلس الإقليمي لتارودانت أزمة سياسية حادة بعد عجزه عن عقد دورته العادية لشهر يونيو، بسبب غياب النصاب القانوني. إذ حضر من أصل 27 عضواً مزاولاً لمهامهم، فقط 13 عضواً، ما حال دون الانطلاق الرسمي لأشغال الدورة، وأثار تساؤلات حول طبيعة الخلافات التي تعصف بمؤسسة تمثل أعلى مستوى إداري بالمنطقة.
مقاطعة منتخبي الاستقلال والبام… رد فعل على الإقصاء
يأتي هذا الغياب الجماعي لمنتخبي حزبي الاستقلال والتجمع الوطني للأحرار (البام) كخطوة احتجاجية واضحة، تعبيراً عن رفضهم لما وصفوه بـ”الإقصاء” من تشكيل مكتب مجموعة الجماعات لحفظ الصحة في قطب أولاد التايمة. حيث احتكر أعضاء حزب التجمع الوطني للأحرار تمثيل المكتب، مما أغضب حزبَي الاستقلال والبام، اللذين أعلن أعضاؤهما مقاطعتهم لهذه الدورة.
وفي بلاغ مشترك صدر عن حزبي الاستقلال والبام بتارودانت، عبّر الطرفان عن استيائهما من طريقة توزيع المناصب داخل مجلس مجموعة الجماعات لحفظ الصحة، معلنين فك ارتباطهم بحزب التجمع الوطني للأحرار، ومهدين بذلك لمرحلة جديدة من الصراع السياسي الإقليمي.
تحالف هش على صفيح ساخن
إن الأزمة التي تعصف بالمجلس الإقليمي لتارودانت ليست منعزلة عن التوازنات السياسية الكبرى بالإقليم، حيث ترتبط هذه الخلافات بشكل وثيق بالتحالف الثلاثي الحاكم على مستوى الجهة، والذي يضم أحزاب التجمع الوطني للأحرار، والبام، والاستقلال.
وقد تكون نتائج الانتخابات المحلية لسنة 2021 وراء هذه التوترات، إذ حصل حزب التجمع الوطني للأحرار على 12 مقعداً في المجلس الإقليمي، مقابل 6 مقاعد لكل من حزبي الاستقلال والبام، و6 مقاعد للعدالة والتنمية، ومقعد واحد للاتحاد الاشتراكي. هذه التركيبة السياسية المعقدة تضع ضغوطاً كبيرة على قدرة التحالف على التوافق وإدارة الخلافات الداخلية.
امتداد الأزمة إلى مؤسسات أخرى
لا تتوقف تداعيات الأزمة عند حدود المجلس الإقليمي فقط، بل من المتوقع أن تمتد إلى مجلس جهة سوس ماسة، وجماعة أولاد تايمة، وباقي الجماعات الترابية التي يشرف عليها هذا التحالف الحاكم. وهو ما يهدد بتأزيم الأوضاع السياسية المحلية، وربما إعاقة المشاريع التنموية بسبب الجمود والاحتقان السياسي.
أزمة تحتاج إلى حل سياسي عاجل
إن استمرار هذا الصراع السياسي قد يؤدي إلى شلل مؤسساتي يضر بالمصلحة العامة لسكان إقليم تارودانت، الذين ينتظرون من المنتخبين العمل المشترك لتطوير الخدمات وتنمية المنطقة.
الحل يكمن في الحوار الجاد والشفاف بين مختلف الفرقاء السياسيين، لإعادة ترتيب التمثيليات المؤسساتية على أساس التوافق والتوازن، والعمل على تجاوز الحسابات الضيقة، من أجل مصلحة الإقليم وساكنته.
فالمجلس الإقليمي ليس مجرد هيئة سياسية، بل هو إطار أساسي لتطوير وتنمية إقليم تارودانت، ولا ينبغي أن يتحول إلى ساحة صراع حزبي يعرقل مصالح المواطنين.