بين الطموح والواقعية: هل تحقق ميزانيات مجلس اشتوكة أيت باها التنمية المنشودة؟

يستعد المجلس الإقليمي لاشتوكة أيت باها، يوم الأربعاء 12 نونبر 2025، لعقد دورة استثنائية وُصفت بالحاسمة، نظرًا لما تتضمنه من ملفات مالية وتنموية ذات أثر مباشر على حياة الساكنة. وتضم أجندة الدورة 13 نقطة تمتد من تعديل ميزانية 2025 إلى التصويت على ميزانية 2026، مرورًا بعقد شراكات مع جمعيات المجتمع المدني وتمويل مشاريع البنية التحتية القروية.

لكن وسط الأرقام الكبيرة والطموحات المعلنة، يبرز سؤال جوهري: هل ستترجم هذه المبالغ فعلاً إلى تنمية ملموسة على أرض الواقع، أم أنها ستبقى مجرد أرقام على الورق؟

 ميزانيات بملايين الدراهم… لكن أين الأثر؟

في الجانب المالي، صادقت “لجنة الميزانية والشؤون المالية والبرمجة” على التعديلات المتعلقة بسنة 2025، عقب حصول المجلس على حصة إضافية من الضريبة على القيمة المضافة بلغت 3 ملايين درهم. ورغم أن هذه المداخيل تُعد مهمة، فإن التساؤل يظل مطروحًا حول قدرة المجلس على توجيهها نحو أولويات فعلية، كفك العزلة عن القرى وتحسين البنية التحتية المتدهورة.

أما مشروع ميزانية 2026، فقد حمل نَفَسًا استباقيًا في التخطيط المالي، لكن الخبراء المحليين يحذرون من “التكرار النمطي” الذي يميز وثائق الميزانيات، حيث يتم تخصيص اعتمادات مالية دون تقييم دقيق لأثر المشاريع السابقة أو مردوديتها التنموية.

 شراكات الجمعيات… دعم اجتماعي أم تفويض غير محكوم؟

تتصدر الشراكات مع الجمعيات جدول أعمال الدورة، خاصة في مجالي النقل المدرسي والرعاية الاجتماعية.
فقد تم رصد اعتمادات مالية مهمة لجمعيات مثل اتحاد تانفاليت الجمعيات وجمعية آيت مزال لتأمين النقل المدرسي بالمناطق الجبلية، وهو قطاع حيوي للحد من الهدر المدرسي، خصوصًا بين الفتيات القرويات.

غير أن بعض الفاعلين الجمعويين يرون أن “توزيع الدعم” لا يخضع في كثير من الأحيان لمعايير دقيقة للشفافية، مما يستدعي رقابة أكثر صرامة وتتبّعًا ميدانيًا للتأكد من استمرارية الخدمات وجودتها.

في المقابل، شملت الاتفاقيات دعم مؤسسات دور الطالب والطالبة والجمعيات العاملة في مجال الإعاقة والطفولة، وهي مبادرات إنسانية ذات أهمية قصوى، لكنها تظل محدودة الأثر ما لم تُرفق بسياسات اجتماعية مهيكلة ومستدامة.

البنية التحتية القروية… مشاريع صغيرة لتحديات كبيرة

على المستوى القروي، تبرز مشاريع الطرق والماء الصالح للشرب ضمن أهم محاور الدورة.
فالمجلس سيتداول بشأن تهيئة المسلك القروي المؤدي إلى دوار تلفيط بجماعة سيدي عبد الله البوشواري بكلفة إجمالية تصل إلى 600 ألف درهم، إضافة إلى مشروع آخر يربط الطريق الإقليمية 1012 بــدوار آيت رحو.

كما ستتم مناقشة اتفاقية لتزويد بعض دواوير جماعة تسكدلت بالماء الصالح للشرب، في خطوة نحو تحسين ظروف العيش الأساسية، إلى جانب اتفاقية لتأهيل السوق الأسبوعي خميس إداوكنظيف في أفق إنعاش الدورة الاقتصادية المحلية.

غير أن حجم التمويلات المرصودة يبقى محدودًا مقارنة باتساع رقعة الإقليم وتعدد حاجياته القروية، خاصة في ظل تزايد الطلب على الخدمات الأساسية وتحديات التغيرات المناخية.

بين النوايا الحسنة والحكامة المطلوبة

لا شك أن جدول أعمال الدورة يعكس نية المجلس الإقليمي في تحريك عجلة التنمية وتعزيز الشراكة مع المجتمع المدني، إلا أن المشكل الجوهري يظل في آليات التنفيذ والتتبع والمحاسبة.

فالتمويل وحده لا يصنع التنمية، ما لم يُواكَب بتخطيط محكم، وحكامة شفافة، وتقييم دوري يربط بين الكلفة والعائد.
ويبقى الرهان الحقيقي هو أن تُترجم هذه الملايين من الدراهم إلى تحسين ملموس في حياة سكان القرى، وتطوير البنية الاجتماعية والخدمات الأساسية، بدل أن تتحول إلى مجرد عناوين براقة في تقارير رسمية.

يسرى ج – صحافية متدربة

الأخبار ذات الصلة

1 من 731