لم تكن دورة المجلس الجماعي لإنشادن كغيرها من الدورات. فعبارة “لا حول ولا قوة إلا بالله” تحولت إلى الشعار غير الرسمي لكل مداخلات الأعضاء، في مشهد يلخص عمق الأزمة التي تعيشها الجماعة على مختلف المستويات، وعلى رأسها التعليم.
منذ بداية أشغال الدورة، بدا واضحًا أن القاسم المشترك بين المتدخلين هو الإحباط والعجز أمام تزايد الإكراهات وقلة الحلول. أحد الأعضاء استهل كلمته قائلاً: لا حول ولا قوة إلا بالله. فيما اكتفى ممثل مندوبية التعليم الذي حضر الاجتماع بالإنصات .
التعليم… أزمة مكتظة بالأرقام
تعاني المؤسسات التعليمية بجماعة إنشادن — سواء الابتدائية أو الإعدادية أو الثانوية — من اكتظاظ خانق، يجعل من الفصول الدراسية أشبه بقاعة انتظار أكثر منها فضاءً للتعلم. عشرات التلاميذ يتقاسمون مقاعد ضيقة ووسائل تعليمية محدودة، في ظل غياب أي حلول واقعية لتقليص هذا الضغط المتزايد سنة بعد أخرى.
النقل المدرسي هو الآخر يشكل معضلة حقيقية. فعدد الحافلات لا يغطي سوى نسبة محدودة من التلاميذ، بينما يجد المئات أنفسهم على لوائح الانتظار، في انتظار “رحمة الجمعيات” التي بدورها تئن تحت ثقل ضعف التمويل.
بنية تحتية تعليمية مهترئة… وآيت بوطايب نموذجًا
الخصاص في البنية التحتية التعليمية يظل من أبرز النقاط السوداء، فعدد من المدارس الابتدائية تفتقر إلى الأقسام الكافية، فيما تحتاج الإعداديات والثانويات إلى توسعة وصيانة عاجلتين. وتُعد منطقة آيت بوطايب نموذجًا صريحًا لهذا الوضع المتردي، حيث تتحدث الساكنة عن حجرات متهالكة ومرافق شبه منعدمة، في وقت تتزايد فيه أعداد التلاميذ بشكل يفوق الطاقة الاستيعابية للمؤسسات القائمة. وقد طالبت الساكنة بإحداث مؤسسات تعليمية جديدة بآيت بوطايب، باعتباره مطلبًا ملحًا واستعجاليًا لضمان الحق في التعليم في ظروف لائقة.
مشاريع التنمية الغائبة… والتهميش المستمر
ما يزيد من حدة الاحتقان في إنشادن هو الإحساس العام بالتهميش مقارنة بباقي مناطق جهة سوس ماسة. فالمشاريع التنموية الكبرى تتجه نحو مراكز حضرية كأكادير وإنزكان، بينما تظل جماعات إقليم اشتوكة آيت باها على الهامش، تنتظر نصيبها من الإنصاف الترابي.
الجماعات ، كما أكد أعضاء المجلس، لا تتوفر على ميزانيات كافية لتلبية حاجيات الساكنة. فميزانية جماعة إنشادن، التي لم تتجاوز مليار سنتيم منذ سنوات، لا تكاد تغطي أجور الموظفين وبعض المصاريف الجارية، رغم تضاعف عدد السكان من 22 ألفاً إلى أكثر من 42 ألف نسمة اليوم.
دعوة مفتوحة لتدخل عامل الإقليم
أمام هذا الواقع، ارتفعت أصوات من داخل المجلس ومن بين الساكنة تطالب عامل إقليم اشتوكة آيت باها بالتدخل الشخصي لإيجاد حلول جذرية لملف التعليم والبنية التحتية بالجماعة. فمندوبية التعليم، حسب قول بعض المتدخلين لا تُبدي أي تفاعل مع المراسلات والمطالب المتكررة.
دورة تُختصر في جملة واحدة
“دورة لا حول ولا قوة إلا بالله” لم تكن مجرد عبارة تكررت على ألسن المنتخبين، بل كانت صرخة جماعية تعبّر عن عجز جماعة بأكملها أمام واقع تنموي وتعليمي مأزوم. واقع يحتاج إلى إرادة سياسية حقيقية، واستراتيجية جهوية منصفة تعيد لجماعات اشتوكة مكانتها ضمن خريطة التنمية بسوس ماسة.
مطلب صحي ملحّ: مركز للولادة بإنشادن
إلى جانب معاناة قطاع التعليم، تُجمع ساكنة جماعة إنشادن على ضرورة إحداث مركز للولادة والتطبيب الأساسي داخل الجماعة، بعدما أصبحت النساء الحوامل يُضطررن إلى التنقل لمسافات طويلة نحو المستشفى الإقليمي ببوكرى أو الجهوي بأكادير، في ظروف قاسية وخطيرة أحيانًا.
هذا الوضع، الذي يتكرر يوميًا، يكشف حجم الخصاص في الخدمات الصحية المحلية، ويزيد من معاناة الأسر الفقيرة التي لا تملك وسائل نقل أو إمكانيات مادية لتغطية تكاليف التنقل، ما يجعل إحداث هذا المرفق الحيوي أولوية إنسانية وصحية عاجلة.