متى ستُحلّق الدرون فوق اشتوكة آيت باها؟

في خطوة رائدة تحسب للسلطات المحلية بالجهة الشرقية، باشرت هذه الأخيرة حملات ميدانية دقيقة لمراقبة البناء العشوائي، مستعينة بطائرات مسيرة “درون” عالية الدقة، في مناطق مصنفة ضمن البؤر السوداء عمرانياً، لا سيما بمدينة وجدة وضواحيها. عمليات تكنولوجية دقيقة، يقودها طاقم تقني متخصص، ترصد وتحلل التغيرات الطارئة على النسيج العمراني بشكل فوري، مع توثيق كل خرق عمراني بوسائل رقمية متطورة.

ورغم أهمية هذا التحرك، الذي يندرج في إطار مواجهة التوسع العمراني غير المنظم، تتبادر إلى الأذهان تساؤلات مشروعة: متى ستُعتمد هذه الإجراءات الذكية في إقليم اشتوكة آيت باها، أحد أكثر الأقاليم التي تواجه تحديات مشابهة؟

اشتوكة… بين واقع هش ورقابة غائبة
في الوقت الذي تتجه فيه السلطات شرقي البلاد إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة، لا تزال العديد من مناطق إقليم اشتوكة آيت باها، خاصة في المجال القروي وشبه الحضري، تُعاني من اختلالات صارخة في تدبير التعمير. فرُخص البناء في بعض الجماعات القروية ما زالت تخضع لمنطق الزبونية والتساهل، بينما تنمو أحياء كاملة خارج القانون، في ظل تغاضي مكشوف أو عجز واضح لأعوان السلطة والإدارات التقنية.

فهل ننتظر تقارير وطنية صادمة عن تفشي البناء غير المرخص في الإقليم حتى تتحرك وزارة الداخلية؟ أم أن منطق الاستباقية والعدل المجالي يفرض أن تُعمم مثل هذه المبادرات على كافة جهات المملكة دون استثناء؟

التكنولوجيا في خدمة التعمير… لمن؟
ما جرى في الجهة الشرقية يؤكد أن الدولة تملك الوسائل، وأن الرقابة الذكية أصبحت ممكنة وسريعة وفعالة. لكن الغائب الأكبر هو الإرادة الجهوية في بعض المناطق، وتحديد الأولويات على أساس الحاجة الفعلية، لا الوزن السياسي أو الإعلامي.

الدرون ليست فقط طائرات تلتقط صوراً؛ إنها رسالة مفادها أن زمن الفوضى قد ولى، وأن لا تساهل مع من يبني دون ترخيص، أو من يحمي الأوراش السرية، أو من يحوّل أعوان السلطة إلى سماسرة للرخص الوهمية.

هل يتحرك عامل الإقليم الجديد؟
في ظل هذا المعطى الوطني، تطرح ساكنة اشتوكة آيت باها سؤالاً مباشراً: هل يتحرك عامل الإقليم المعين حديتا لتفعيل تقنيات المراقبة الحديثة وفرض هيبة القانون؟ وهل ستكون هناك وقفة حقيقية مع الجهات المسؤولة عن التعمير بالجماعات المحلية، لمحاسبة كل من تورط في التستر على البناء العشوائي أو غض الطرف عن احتلال الملك العام؟

لا تنمية دون احترام ضوابط التعمير، ولا عدالة ترابية دون تعميم آليات المراقبة الذكية. وإقليم اشتوكة آيت باها، بما يعرفه من ضغط عمراني وتحولات سريعة، يحتاج اليوم قبل الغد إلى “أعين رقمية” تحلق فوق أوراشه، وتضع حداً لفوضى الإسمنت الزاحف. فهل نرى الدرون قريباً في سماء الإقليم؟

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 771

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *