الرأي الاخر/الناقد الجبلي
في الوقت الذي يُنتظر فيه من المجلس الإقليمي لاشتوكة آيت باها أن يكون إطارًا لتكريس التنمية والاستجابة لحاجيات الساكنة، تتناسل في الكواليس معطيات مثيرة للقلق، إن صحّت، فإنها تنذر بتحول المؤسسة المنتخبة إلى ساحة للصراعات والمصالح الضيقة، بعيدًا عن هموم المواطنين وتحديات الإقليم.
الحديث الدائر اليوم بين أوساط المتتبعين للشأن المحلي بالإقليم، يتمحور حول “ترميم مزعوم” للمجلس بعد تجريد المستشارين عزيز المكي ورقية بومكوك من عضويتهما، وسط تساؤلات كبيرة حول قانونية الإجراء وظروفه الغامضة. وفيما يرى البعض أن هذه التحركات لا تعدو كونها “إعادة ترتيب أوراق”، يتخوف آخرون من أن تكون مقدمة لإعادة توزيع النفوذ والمناصب على المقاس، في ظل ما يوصف بـ”صفقات صامتة” تُدار خلف الأبواب المغلقة.
ومن أبرز ما يروج، استمرار عضوية ابنة محمد بوخالي، رئيس جماعة الصفا، رغم غيابها لسنوات طويلة عن أرض الوطن. إن صح هذا المعطى، فالأمر لا يتعلق فقط باختلال في التمثيلية، بل بمسّ مباشر بشرعية الانتداب الانتخابي. فهل تحوّلت كراسي المجلس إلى مكافأة للولاء السياسي بدل الكفاءة والحضور؟
في المقابل، تشير ذات التسريبات إلى محاولات لإعادة تشكيل الأغلبية من خلال ضم وجوه محسوبة على معسكر معين، وعلى رأسهم محمد بوخالي وزوجة أحد أقاربه، ما يُفسَّر بأنه توظيف للعلاقات العائلية والقرابات في بناء التحالفات، بدل تغليب منطق المصلحة العامة.
أما عن اسم لحسن أقديم المعروف ، نائب رئيس جماعة آيت عميرة، فيُعاد تداوله بقوة، بعدما رفع حزب التجمع الوطني للأحرار دعوى إدارية لتجريده من عضويته بسبب “عدم الانضباط الحزبي”. ورغم ذلك، يروج أن اسمه ضمن من يُعوَّل عليهم في تعزيز أغلبية جديدة. هل باتت القوانين التنظيمية والميثاق الحزبي مجرد حبر على ورق؟
وليس هذا كل شيء. فالكواليس تتحدث عن صراع محتدم على المناصب داخل المكتب، خصوصًا النيابة الثالثة لرئيس المجلس، التي يُقال إن سعيد كرم يسعى لمنحها إلى خالد بوستة، الذي رفض العرض. ووفق نفس الرواية، فقد تم اللجوء إلى تدخل برلماني لإقناعه! هل هذه ممارسة سياسية أم تبادل نفوذ؟
كما تشير التسريبات إلى أن مستشارين من حزب الأحرار، أحدهما من سيدي بيبي والآخر من المناطق الجبلية، يطمحان بشدة لنيل منصب نيابة أو رئاسة لجنة، ضمن سيناريو توزيع الغنائم الذي يبدو أنه لا يستثني أحدًا.
كل هذه المعطيات المتداولة – إن صحّت – تضع المجلس الإقليمي في مرمى الشبهات والانتقادات، وتحوّله من فضاء لتدبير الشأن العام إلى مسرح هزلي تتقاذف فيه الأطراف المقاعد والنفوذ، بينما المواطن البسيط يدفع ثمن هذا العبث، من صحته، وتعليمه، وتنميته.
إن لم تتوقف هذه “الترتيبات الظلّية” عند حدّ الشائعات، وإن تحوّلت إلى واقع ملموس، فإننا أمام مهزلة حقيقية تستدعي تدخل وزارة الداخلية، وفتح نقاش عمومي حول مصداقية المجالس المنتخبة وجدواها.
فاشتــوكـة آيـت بـاهـا لا تستحق أن تكون رهينة لحسابات شخصية، ولا أن تُدار شؤونها بالتفاهمات المشبوهة. الإقليم يحتاج إلى كفاءات مسؤولة، لا إلى صفقات نخبوية في الظل.