الخصاص التنموي بإقليم اشتوكة آيت باها يتصدر النقاشات الرسمية والحزبية: إجماع على الحاجة إلى تدخل عاجل

يشهد إقليم إشتوكة آيت باها منذ أواخر شهر ماي 2025 حراكًا تنمويًا وسياسيًا ملحوظًا، أعاد الأمل في نفوس ساكنته. فمع تعيين السيد محمد سالم الصبتي عاملًا جديدًا على الإقليم، انطلقت مقاربة جديدة ترتكز على القرب والإصغاء، تهدف إلى تشخيص دقيق لحاجيات الجماعات الترابية والوقوف على مكامن الخصاص، خصوصًا في القطاعات الحيوية كالماء والصحة والطرق والبيئة.

مقاربة تواصلية تعيد الثقة
اللّقاءات الميدانية التي أشرف عليها العامل بنفسه مع رؤساء الجماعات الترابية كشفت عن نهج مغاير في تدبير الشأن العام المحلي، يقوم على التّواصل الفعّال والإصغاء للمشاكل. وقد أفرزت هذه اللقاءات خلاصات واقعية لخصاص بنيوي واضح في البنيات التحتية والخدمات الأساسية، وهو ما أكدته المداخلات الجماعية والمعاينات الميدانية التي شملت دوائر متعددة في الإقليم. هذه الشفافية في التشخيص تُعد خطوة مهمة نحو إعادة الثقة بين المواطن والإدارة.

دعم حكومي ووعود جهوية تبشر بمشاريع واعدة
في سياق موازٍ، احتضنت جماعة ماسة لقاءً تواصليًا حاشدًا لحزب التجمع الوطني للأحرار، بمشاركة وازنة للناطق الرسمي باسم الحكومة، السيد مصطفى بايتاس، ورئيس جهة سوس ماسة، السيد كريم أشنڭلي، إلى جانب عدد من البرلمانيين والمنتخبين المحليين. تحوّل اللقاء إلى منصة سياسية لتشخيص أعطاب التنمية، حيث أجمع الحضور على ضرورة الإسراع في إخراج المشاريع إلى حيّز التنفيذ.

وقد عبّر الوزير بايتاس عن تفهّمه الكبير للتحديات القائمة، مثنيًا على جدية الخطاب السياسي المحلي ومقاربة الحزب في إشراك الفاعلين الترابيين. من جانبه، أعلن رئيس الجهة عن مشاريع هيكلية وشيكة الانطلاق، أبرزها إحداث وحدة للوقاية المدنية بمنطقة سيدي عبو ماسة، وإنجاز محطة لمعالجة المياه العادمة بالشراكة مع جماعة ماسة، بالإضافة إلى تأسيس معهد وطني للعمل الاجتماعي، وهو الثاني من نوعه على الصعيد الوطني، لدعم التكوين والتشغيل في الإقليم. هذه الوعود الحكومية والجهوية تبعث على التفاؤل بمستقبل تنموي مشرق للمنطقة.

منجزات واقعية ومطالب ملحة
على الرغم من التقدم المسجل، لا تزال مناطق واسعة من إشتوكة آيت باها، لا سيما الجبلية منها، تعاني من ضعف البنية التحتية. وقد تم استعراض عدد من المنجزات المنفذة مؤخرًا، مثل توسيع شبكة الماء الصالح للشرب بفضل محطة تحلية مياه البحر، وتعبيد وتهيئة طرق تربط القرى النائية، وإنشاء صهاريج مائية لتحسين التزود بالماء في المناطق القروية.

لكن المتدخلين في اللقاءات المختلفة شددوا على ضرورة النهوض بالقطاعين الرياضي والسياحي، اللذين يعانيان من تهميش واضح وغياب مرافق تستجيب لتطلعات الشباب ومؤهلات المنطقة الطبيعية والسياحية الواعدة.

صراعات محلية تخيّم على الأجواء
لم يخل اللقاء التواصلي من بعض التوترات السياسية، حيث برز خلاف حاد بين رئيس جماعة آيت باها، السيد محمد اليربوعي، والوزير بايتاس، بعد عتاب اليربوعي للوزير على تجاهله ومحاولاته المتكررة للتواصل معه دون جدوى، رغم كونه منسق الحزب بالدائرة الجبلية. وقد رد الوزير بشكل مباشر بأن سعيد كرم هو المخاطب الوحيد بالجهة، ما أثار استغراب الحضور وخلف ردود فعل متباينة.

كما تسبب استبعاد منتخبين من جماعة تيزي نتكوشت من اللقاء، رغم انتمائهم لحزب الأحرار، في موجة غضب واحتجاج، خاصة بعد توجيه الدعوة لمنتخبين من حزب آخر، ما أعاد إلى الواجهة مظاهر التهميش التي يتعرض لها بعض مناضلي الحزب رغم حضورهم في الواجهة الانتخابية. هذه الخلافات تشير إلى أن التحديات لا تقتصر على الجانب التنموي فحسب، بل تمتد لتشمل المشهد السياسي المحلي.

تباين المواقف حول محطة تحلية المياه: أولوية لا تحتمل التأجيل
أحد المواقف اللافتة كان خلال تدخل رئيس جماعة سيدي عبد الله البوشواري، الذي ناشد الوزير بايتاس للتدخل لربط جماعته بمحطة تحلية مياه البحر. وقد قوبل هذا الطلب برد مباشر من رئيس الجهة، السيد كريم أشنڭلي، الذي أكد أن عامل الإقليم يتابع الملف بجدية، ما يجعل مثل هذا الطلب في غير محله.

وكان العامل الصبتي قد ناقش هذا الموضوع بالتفصيل مع أعضاء جماعة البوشواري، مؤكدًا أن تزويد الدواوير بالماء الشروب يمثل أولوية ملحة، وأن تنزيل المشاريع في هذا الصدد لن يحتمل التأجيل. هذا التفاعل يبرز أهمية ملف الماء كقضية مركزية تتطلب تنسيقًا وجهودًا مكثفة.

نحو مقاربة مندمجة لتحقيق العدالة المجالية
بين الدينامية الرسمية التي يقودها عامل الإقليم، والمبادرات الحزبية التي يقودها التجمع الوطني للأحرار، يبدو أن هناك تلاقيًا غير مسبوق في تشخيص معضلات التنمية بإقليم إشتوكة آيت باها. غير أن الخلافات السياسية الجانبية قد تنسف هذا الإجماع والتوافق، ما لم يتم اعتماد مقاربة تشاركية حقيقية تنصت لجميع الأصوات، وتضع نصب عينيها مصلحة المواطن فوق كل اعتبار.

الإقليم اليوم في حاجة ماسة إلى روح جماعية صادقة، تنبذ منطق الإقصاء، وتعزز العمل المؤسساتي. فمواجهة التحديات التنموية الكبرى التي تواجه إشتوكة آيت باها تتطلب التآزر بدل التنافر، والتنسيق بدل التنافس، من أجل تحقيق تنمية شاملة ومستدامة تضمن العدالة المجالية لجميع ساكنة الإقليم.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 761

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *