سيدي بيبي: حين تنتصر الأولويات على الاحتفالات.. إلغاء مهرجان”ألموكار 2025″ يعكس رؤية جديدة للتنمية المحلية

في قرار جريء وغير مألوف، أعلنت جماعة سيدي بيبي بإقليم شتوكة آيت باها إلغاء دورة 2025 من مهرجان “ألموكار” الشهير. هذه الخطوة، التي قد تبدو مفاجئة للبعض، تأتي لتؤكد تحولاً مهماً في منهجية تدبير الشأن المحلي، حيث وضعت الجماعة الحاجيات الأساسية للمواطنين فوق أي اعتبارات احتفالية.

لم يكن القرار نابعاً من ضعف في الميزانية أو نقص في التمويل، هذا ما أكده بوضوح السيد سمير بيواراين، النائب الأول لرئيس جماعة سيدي بيبي ومدير المهرجان. فالميزانية المخصصة للمهرجان، والتي قد تصل إلى 200 مليون سنتيم، لم تكن عائقاً أمام إقامته. بل إن الجوهر الحقيقي وراء هذا الإلغاء هو قناعة راسخة لدى المسؤولين بأن المنطقة في أمس الحاجة إلى إصلاحات هيكلية ومشاريع تنموية مستعجلة.

لقد أشار بيواراين إلى أولويات ملحة لا تحتمل التأجيل، على رأسها تهيئة الطرق التي تشكل عصب الحياة اليومية للسكان، وتأهيل السوق الأسبوعي الذي يعد شرياناً اقتصادياً حيوياً للمنطقة، بالإضافة إلى تعزيز منظومة النظافة للحفاظ على بيئة صحية ومستدامة. هذه المشاريع، بحسب رؤية الجماعة، هي ما يستحق توجيه الموارد المالية والبشرية، بدلاً من صرفها على أنشطة ترفيهية قد لا تترك أثراً مستداماً على حياة الساكنة.

قد يرى البعض في هذا القرار عداءً للثقافة أو تقليلاً من شأن الأنشطة الفنية، لكن سمير بيواراين نفى ذلك بشدة، مؤكداً أن القرار لا يعادي الثقافة إطلاقاً. بل هو دعوة صريحة وواضحة إلى توجيه الموارد المتاحة نحو مشاريع أكثر واقعية واستدامة، مشاريع تلامس حياة المواطنين بشكل مباشر وتساهم في تحسين ظروف عيشهم وتنمية منطقتهم على المدى الطويل.

إن إلغاء مهرجان “ألموكار 2025” يعد رسالة قوية من جماعة سيدي بيبي مفادها أن التنمية الحقيقية تبدأ من تلبية الحاجيات الأساسية وتحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين. إنه نموذج يحتذى به في ترشيد الإنفاق العام وتوجيهه نحو الأولويات الملحة، مما يفتح الباب أمام نقاش مجتمعي أوسع حول كيفية استغلال الموارد المحلية لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.

فهل تكون سيدي بيبي قد دشنت بذلك مرحلة جديدة في تدبير الشأن المحلي، مرحلة تنتصر فيها المشاريع التنموية على بريق الاحتفالات؟ والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة: هل ستحذو جماعات ترابية أخرى حذو سيدي بيبي، وتراجع أولوياتها، لتغليب مشاريع البنية التحتية والخدمات الأساسية على حساب المهرجانات والاحتفالات التي تستهلك ميزانيات ضخمة؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 763

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *