أعلنت الحكومة المغربية، عبر وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، عن التوصل إلى صيغة توافقية مع الفاعلين في قطاع الأدوية، تمهيدا لإقرار مرسوم جديد سيفضي إلى خفض ملموس في أسعار الأدوية، وتحقيق توازن بين حماية المستهلك وتحفيز التصنيع المحلي.
وجاء هذا الإعلان خلال جلسة عمومية للأسئلة الشفوية بمجلس النواب، حيث أكد التهراوي أن مشروع المرسوم بلغ مرحلته النهائية، بعد سلسلة من المشاورات المكثفة، وأنه سيتم عرضه قريبًا على المجلس الحكومي للمصادقة.
في ذات السياق، وصف وزير الصحة هذا الورش بالإصلاح “غير المسبوق”، مشيرا إلى أنه يندرج في إطار رؤية شاملة تروم ضمان العدالة في الولوج إلى الدواء، وتعزيز السيادة الصحية الوطنية. ويرتكز الإصلاح على مراجعة نظام تسعير الأدوية، وإعادة هيكلة سلاسل التموين والتوزيع، إلى جانب توسيع قاعدة التصنيع المحلي.
وأوضح التهراوي أن هذا التوجه يجد مرجعيته في القانون الإطار 06.22 المتعلق بالمنظومة الصحية الوطنية، الذي نصّ صراحة على ضرورة إرساء سياسة دوائية وطنية تضمن الوفرة والجودة والتكلفة الملائمة، سواء للأدوية أو للمستلزمات الطبية.
الوزير أكد أن الإصلاح جاء نتيجة مقاربة تشاركية واسعة، شملت أكثر من 30 اجتماعا مع مختلف الفاعلين، من فيدراليات صناعية وهيئات مهنية للصيادلة، إلى جانب صناديق التأمين، ما أفضى إلى التوافق على مضامين مرسوم جديد يحقق توازنًا بين العدالة الدوائية وتشجيع الصناعة الوطنية.
ومن أبرز المبادئ المبتكرة التي يقوم عليها هذا النموذج الجديد تقليص آجال مراجعة أسعار الأدوية؛ وتنزيل الإصلاح تدريجيًا لضمان الاستقرار في السوق؛ والحفاظ على الأسعار والمنخفضة لبعض الأدوية الأساسية؛ وتحفيز الإنتاج المحلي لتقوية المنظومة الصناعية الوطنية.
التهراوي شدد على أن إصلاح تسعير الأدوية لم يعد مسألة تقنية بحتة، بل أصبح خيارا سياديا ومسؤولا يحمل أبعادا اقتصادية واجتماعية عميقة، في سياق تسعى فيه الحكومة إلى تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين، وتحقيق الإنصاف في الولوج إلى العلاج، مع خلق مناخ محفّز للاستثمار في قطاع يعتبر من الركائز الاستراتيجية للأمن الصحي الوطني.
وخلص الوزير إلى التأكيد على أن نجاح هذا الإصلاح تطلب جهدا تفاوضيا كبيرا، وابتعادا عن مقاربات جزئية أو ظرفية، معتبرا أن المقاربة الحالية تمزج بين الواقعية القانونية والدينامية الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، في محاولة لإعادة الثقة في السياسات الدوائية بالمغرب.