أصدرت غرفة الجنايات بمحكمة الجديدة حكما صارما وغير مسبوق في ملف يتعلق بالهجرة السرية، قضى بإدانة أحد المتورطين في تنظيم رحلة بحرية غير شرعية انتهت بمأساة، بعدما لقي ثلاثة مرشحين للهجرة مصرعهم وفُقد آخرون. وقد أدانت المحكمة المتهم بـ12 سنة سجنا نافذا، في خطوة تعكس إرادة قوية للتصدي الحازم لشبكات الاتجار بالبشر وتعريض الأرواح للخطر.
وتعود تفاصيل القضية حسب ما أوردته الصباح، إلى عملية تهجير سري نفذت انطلاقا من سواحل الجديدة في اتجاه جزر لاس بالماس، حيث تولى المتهم، المنحدر من الإقليم نفسه، مهمة التنسيق والإعداد للرحلة، بعد أن تسلم من كل مرشح مبالغ مالية تفوق 30 ألف درهم، ورغم اتخاذه احتياطات للتخفي عن الأنظار، فإن القارب الذي استُعمل لم يكن مؤهلاً لمواجهة الظروف البحرية القاسية، ما أدى إلى انقلاب القارب قبالة سواحل كلميم ومصرع ثلاثة شبان، فيما لا يزال ثمانية آخرون في عداد المفقودين.
أثناء المحاكمة، واجه المتهم تصريحات عدد من الناجين الذين أكدوا تسليمهم له مبالغ مالية مقابل تهجيرهم، وشهدوا على افتقار القارب لأبسط شروط السلامة. ورغم محاولته الإنكار والتراجع عن تصريحاته التمهيدية، فإن هروبه من العدالة مباشرة بعد وقوع الفاجعة أثبت تورطه، خاصة بعد تأكيد التحقيقات أنه أحد عناصر شبكة تنشط في عدد من السواحل المغربية في مجال التهجير السري.
هيئة الحكم، وبعد مداولات دقيقة، رأت أن الأفعال المرتكبة تستحق أقصى درجات العقوبة، ليس فقط بسبب الخسائر البشرية التي خلفتها، بل أيضا لردع كل من تسوّل له نفسه المتاجرة بأحلام وآمال الشباب الطامح في الهجرة. وقد طالب ممثل النيابة العامة خلال الجلسة بعدم التساهل مع المتهم، وتشديد العقوبة ليكون عبرة لغيره، في ظل تنامي ظاهرة الهجرة غير الشرعية وتورط شبكات منظمة في استغلال هشاشة الشباب.
هذا الحكم يعد سابقة في تعاطي القضاء مع قضايا الهجرة السرية، ويعكس تحولا ملموسا نحو نهج عقابي صارم يهدف إلى محاصرة هذه الظاهرة الخطيرة وتجفيف منابعها، حماية لأرواح المواطنين وصونًا للسلامة العامة.