شهدت جماعة إنزكان مؤخرًا انطلاق أعمال المرحلة الأولى من مشروع ترميم وتدعيم سور وأبراج قصبة الكسيمي، التي تُعد من أبرز المعالم التاريخية والمعمارية في جهة سوس ماسة. يمثل هذا المشروع خطوة حاسمة لإعادة الاعتبار لذاكرة المدينة وتحويل هذا الصرح العريق إلى قطب ثقافي وسياحي نابض بالحياة.
خُصص للمشروع ميزانية تتجاوز 40 مليون درهم، ويُنفذ في إطار اتفاقية شراكة متعددة الأطراف تضم كلًا من جماعة إنزكان، ووزارة الثقافة، ومجلس جهة سوس ماسة، ومجلس عمالة إنزكان أيت ملول. هذا التعاون يؤكد الالتزام المؤسساتي المشترك بأهمية تثمين التراث المادي وجعله محركًا للتنمية المحلية.
لا يقتصر المشروع على الترميم المادي للقصبة وأسوارها وأبراجها، بل يشمل أيضًا تهيئة الفضاء الداخلي للمعلمة ليحتضن مجموعة متنوعة من الأنشطة الثقافية والفنية. سيشمل ذلك عروضًا تراثية، ومعارض، وورش عمل، وأسواقًا تقليدية، بالإضافة إلى تخصيص مساحات للصناعات الثقافية والإبداعية.
علاوة على ذلك، ستخضع المناطق المحيطة بالقصبة لعمليات إعادة تهيئة وتأهيل، بهدف جعلها فضاءً متكاملًا ومفتوحًا للزوار والمواطنين. هذا التصور الشامل سيبدل المكان من مجرد أطلال تاريخية إلى مركز حيوي للثقافة والاقتصاد.
التراث محركًا للتنمية
يُعد ترميم قصبة الكسيمي أكثر من مجرد صيانة للذاكرة؛ إنه استثمار ذكي في الهوية الثقافية لمدينة إنزكان. لطالما عُرفت إنزكان كمدينة عبور وتجارية، لكنها اليوم تسعى لاستعادة وجهها التراثي والثقافي الأصيل.
من المتوقع أن يساهم هذا المشروع في تنشيط الحركة السياحية بالمدينة، وخلق فرص عمل جديدة، خاصة في مجالات الإبداع الثقافي، والصناعة التقليدية، والإرشاد السياحي. كما سيدعم النسيج الجمعوي المحلي من خلال توفير فضاءات للعرض والمشاركة.
قصبة الكسيمي: من معلم مهمل إلى منارة للثقافة
بعد سنوات من الإهمال والركود، تستعيد قصبة الكسيمي حيويتها بدعم من الفاعلين المحليين والجهويين. لتصبح نقطة جذب وإشعاع ثقافي في جهة سوس ماسة، ومعلمًا يربط بين الماضي العريق والمستقبل الواعد.
يمثل هذا المشروع، الذي انطلقت أعماله فعليًا، نموذجًا ناجحًا للتعاون بين القطاعات الحكومية والجماعات الترابية بهدف إحياء التراث وتوجيهه نحو آفاق اقتصادية وثقافية مستدامة.
هل تكون هذه القصبة بداية نهضة ثقافية حقيقية لمدينة إنزكان؟ الآمال كبيرة، والإرادة حاضرة، والمسار قد بدأ.
A.Boutbaoucht