في خطوة تحمل الكثير من الدلالات، دشّن العامل الجديد لإقليم اشتوكة مهامه بجولة ميدانية تفقدية شملت أبرز المناطق المتضررة في الإقليم، واضعًا بذلك حدًّا لفكرة الاكتفاء بالتقارير المكتبية، ومعتمدًا مبدأ “من رأى ليس كمن سمع” كقاعدة للانطلاق.
الميدان أولًا: بداية مختلفة
غداة تنصيبه رسميًا أمس الجمعة، شرع العامل الجديد صباح اليوم السبت في زيارة ميدانية شملت جماعتي أيت عميرة وسيدي بيبي، وهما من بين أكثر المناطق التي تعاني من اختلالات بنيوية في الإقليم، تشمل ضعف البنية التحتية، نقص الماء والكهرباء، تردي الخدمات الصحية والتعليمية، ومطالب متزايدة بخصوص التشغيل والتنمية المحلية.
ولم تأت هذه الخطوة من فراغ، بل تعبّر عن رغبة في الاقتراب الفعلي من واقع المواطنين، وتلمّس معاناتهم اليومية عن كثب، بعيدًا عن الحواجز البيروقراطية أو لغة الأرقام الجافة.
رسائل سياسية وإدارية في توقيت حساس
الزيارة، في شكلها ومضمونها، تحمل رسالة واضحة: الإدارة الجديدة تنصت، ترى، وتُعاين، تمهيدًا للفعل. فالإقليم، المعروف بتنوّعه الجغرافي والاجتماعي، يحتاج إلى مقاربة تتفهم التفاوت بين المناطق القروية والحضرية، وتُعطي لكل منطقة خصوصيتها، بدل فرض حلول جاهزة لا تراعي السياق.
ويرى متابعون أن هذا الاختيار الميداني يُعيد الثقة تدريجيًا بين المواطن والإدارة، من خلال اعتماد “الحلول من الواقع” بدل الحلول المعلبة، وهو ما من شأنه أن يؤسس لنمط تسيير جديد قائم على الإنصات والنجاعة.
تحديات تنتظر ولا تحتمل التأجيل
رغم البدايات المبشرة، فإن حجم الانتظارات ضخم، ويضع العامل الجديد أمام ملفات شائكة، من أبرزها:
تحسين النقل المدرسي في العالم القروي ومواجهة الهدر المدرسي.
تعزيز الخدمات الصحية عبر إنشاء أو تأهيل مراكز صحية تلبي حاجيات السكان.
تنمية الفلاحة المحلية باعتبارها ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي.
تقوية التنسيق بين الجماعات المحلية والمصالح الخارجية لضمان الانسجام المؤسساتي.
إضافة إلى ذلك، يبرز الضغط الاجتماعي كأحد أكبر التحديات، خصوصًا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وتزايد البطالة، ما يتطلب سرعة الاستجابة دون التسرع، والتخطيط الواقعي دون المماطلة.
من المعاينة إلى التفعيل
الجولة التفقدية الأولى ليست سوى خطوة أولى، لكنها تُحسب للعامل الجديد كإشارة إيجابية إلى أن مرحلة جديدة قد بدأت في اشتوكة، عنوانها الأساسي: “الرؤية الميدانية من أجل الفعل الملموس”.
فإذا كانت الرؤية قد بدأت بالمعاينة، فإن نجاحها يظل مشروطًا بتحويل الخلاصات إلى قرارات، والتوصيات إلى مشاريع، والأمل الشعبي إلى واقع ملموس.
وبين من يرى ومن يسمع، يتأكد مرة أخرى أن الاقتراب من الناس هو أول الطريق نحو بناء الثقة وتفعيل التغير المنشود.
A.Boutbaoucht