دشن عامل اقليم إنزكان ايت ملول يوم الخميس 23 ماي 2025 مشروعًا استراتيجيًا جديدًا يَعِد بتغيير جذري في المشهد الاقتصادي واللوجستي للمنطقة، ويتعلق الأمر بجسر “النخيل”، الذي يربط ضفتي وادي سوس ويمثل نقلة نوعية في ربط المدينة بالمحاور الحيوية، سواء داخل الجهة أو على المستوى الوطني والقاري.
فك الاختناق اللوجستي المزمن
لطالما عانت مدينة إنزكان، التي تُعد القلب التجاري النابض لجهة سوس ماسة، من اختناق مروري مزمن كان يعرقل حركة نقل البضائع ويُثقل كاهل المهنيين بتكاليف إضافية. وكانت هذه الأزمة تؤثر بشكل مباشر على سلاسل التوريد والتوزيع، وتُضعف من تنافسية المقاولات المحلية، خصوصًا العاملة في قطاعات الفلاحة، التجارة والنقل.
جسر النخيل، الذي يمتد على طول 150 مترا وبعرض 8 أمتار، جاء ليستجيب لحاجة ملحّة لفك هذا الاختناق، بفضل قدرته على استيعاب حركة المرور الثقيلة، وعلى رأسها الشاحنات القادمة من وإلى سوق الجملة للخضر والفواكه وسوق السمك البري.
أرقام تؤكد الأهمية
المعطيات الرقمية تُبرز حجم الرهان:
سوق الجملة للخضر والفواكه يُعالج أزيد من 902 ألف طن سنويًا، منها 180 ألف طن من الطماطم وحدها، ويستقبل أكثر من 52 ألف شاحنة و161 ألف بيكوب سنويًا.
سوق السمك البري، الوحيد من نوعه بالجهة، يعتمد يوميًا على شاحنات مبردة تنقل المنتجات من الموانئ الجنوبية وميناء أكادير.
كل هذه الأرقام تُثبت أن الجسر ليس مجرد منشأة عمرانية، بل هو شريان اقتصادي يضخ الحيوية في الاقتصاد المحلي والجهوي.
رؤية تنموية متكاملة
المشروع، الذي كلف حوالي 35 مليون درهم، لا يأتي في سياق منعزل، بل يُعد جزءًا من رؤية تنموية أوسع يقودها عامل عمالة إنزكان أيت ملول، السيد إسماعيل أبو الحقوق، الذي يُحسب له نهج براغماتي يستجيب لحاجيات المواطنين والفاعلين الاقتصاديين على حد سواء.
وتشمل هذه الرؤية عدة مشاريع مهيكلة من قبيل:
الجسر الرابط بين مركز المدينة وأحياء المزار، قصبة الطاهر، أيت ملول
المنطقة اللوجستيكية بالقليعة، ذات الولوج المباشر للطريق الوطنية والطريق السيار، والتي تُعتبر منصة استقطاب استثماري بامتياز
المنطقة الصناعية بالقليعة والمنصة المستقبلية لتسويق المنتجات الفلاحية.
منصة إقليمية وقارية
الجسر يُعزز من مكانة إنزكان كمركز تجاري جهوي ووطني، كما يفتح أمامها آفاقًا قارية، لاسيما مع التوسع الطبيعي لتجارة المغرب مع إفريقيا جنوب الصحراء. فكل تحسين في البنية التحتية هو استثمار في القدرة التنافسية، وفي تقليص الكلفة الزمنية والمادية، وهي عوامل حاسمة في نجاح أي مركز لوجستي حديث.
التكامل المؤسساتي: مفتاح النجاح
نجاح المشروع لم يكن ليتحقق لولا التنسيق بين مختلف المتدخلين، من جماعات محلية (إنزكان، أيت ملول، القليعة، والدشيرة الجهادية)، إلى الغرفة الجهوية للتجارة والصناعة والخدمات، مرورًا بالمركز الجهوي للاستثمار، الذي يُؤمّن مرافقة دقيقة للمستثمرين عبر تحفيزات ضريبية ومواكبة إدارية فعالة.
من الجسر إلى الجسور التنموية
جسر النخيل ليس مجرد معبر فوق الوادي، بل هو رمز لعبور جماعي نحو تنمية مندمجة، تربط بين البنية التحتية، والفرص الاقتصادية، والإرادة المؤسساتية.
إنه جسر نحو المستقبل، يحمل على ظهره طموحات جهة سوس ماسة في أن تكون منصة لوجستيكية وطنية ذات بعد إفريقي، تُراكم المكاسب وتُحقق الإقلاع الاقتصادي المنشود.