صفقة تفريغ محطة المياه العادمة ببلفاع تُعيد إلى الواجهة مشروعًا بمليارات لم يُشغّل بعد!

في خطوة مفاجئة، أعلنت جماعة بلفاع بإقليم اشتوكة آيت باها عن صفقة عمومية تتعلق بأشغال تفريغ محطة ضخ المياه العادمة بمركز الجماعة، بتكلفة تغطي 900 متر مكعب من الصرف الصحي، وتشمل كافة الجوانب التقنية واللوجستية للعملية.

غير أن هذه الصفقة، التي بدت في ظاهرها تدبيرًا تقنيًا اعتياديًا، سرعان ما أعادت فتح ملف شائك لم يُطو بعد، ويتعلق بمشروع محطة معالجة المياه العادمة بآيت بوهروة، الذي ظل عالقًا لأزيد من أربع سنوات، وسط غضب شعبي عارم وتساؤلات عن هدر المال العام وغياب الحكامة البيئية والمجالية.

محطة معلقة منذ 2021… وأزمة ثقة
تفجّرت شرارة الأزمة في صيف سنة 2021، حين بدأت الجماعة في إنجاز مشروع محطة لتجميع ومعالجة المياه العادمة في قلب الضيعات الفلاحية والسكن القروي بمنطقة آيت بوهروة. حينها، وصف السكان المشروع بـ”العبثي” بسبب افتقاده للبعد التشاركي، وغياب التقييم البيئي، وتمريره دون احترام إرادة الساكنة.

ورغم الاحتجاجات المتواصلة والوقفات الرافضة والعرائض الموقعة، لم تتم مراجعة مكان المشروع أو فتح حوار جدي مع السكان، بل استمرت الجماعة، وفق تعبير نشطاء محليين، في “تجاهل الصوت الجماعي”، وسط اتهامات باستخدام الترهيب والضغط القضائي لإخماد الحراك.

تدخل حكومي مباشر… ووعود معلقة
وسط تصاعد الاحتقان، شهد صيف 2021 حدثًا بارزًا، تمثّل في زيارة رئيس التجمع الوطني للأحرار ورئيس الحكومة الحالي عزيز أخنوش للمعتصم الذي أقامته الساكنة قرب موقع المشروع. وخلال هذه الزيارة، وعد أخنوش بشكل واضح بفتح تحقيق في ظروف إنجاز المشروع، وبنقل المحطة إلى مكان آخر يراعي البعد البيئي والاجتماعي ويستجيب لمطالب الساكنة.

غير أن هذه الوعود، بحسب تعبير الفاعلين المحليين، ظلت حبيسة الشعارات، ولم تُترجم على أرض الواقع، ما ساهم في تعميق فقدان الثقة، وتغذية الشعور بأن الملف يتم “تسييسه وإقباره” بدل معالجته بشفافية ومسؤولية.

صفقة التفريغ… إقرار ضمني بفشل المشروع الأصلي؟
الصفقة الأخيرة، التي تقتصر على تفريغ مؤقت لمحطة الضخ، تطرح سؤالًا جوهريًا: إذا كانت الجماعة تمتلك محطة للمعالجة في آيت بوهروة صُرفت عليها الملايير، فلماذا يتم اللجوء اليوم إلى شاحنة خاصة لتفريغ محطة الضخ ونقل النفايات إلى مطرح عمومي؟

يرى متتبعون أن الصفقة تشكل إقرارًا ضمنيًا بفشل المشروع الأصلي، واعترافًا بأن محطة آيت بوهروة لم تُفعّل وظيفيًا كما أُعلن، لتبقى مجرد بناية مهجورة تتحول تدريجيًا إلى رمز للاحتقان الشعبي وهدر المال العام.

حان وقت التصحيح لا الترقيع
إن ما تعيشه جماعة بلفاع، وخاصة في ملف التطهير السائل، هو جزء من أزمة أعمّ تتعلق بتدبير المشاريع العمومية، وضرورة الانتقال من منطق الإنجاز الشكلي إلى منطق الأثر والمردودية المجتمعية.
فهل تفتح السلطات أخيرًا هذا الملف بشجاعة ومسؤولية؟ وهل يفي رئيس الحكومة بوعده في تحويل المحطة وفتح تحقيق في المليارات المصروفة؟ أم أن صفقة التفريغ الحالية ليست سوى محاولة لدفن المشكل تحت طبقة جديدة من الصمت المؤقت؟

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 751

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *