أكادير: بين تجميل ساحة الأمل ومعاناة الأحياء الهامشية.. أيهما أولى؟

كشفت مدينة أكادير عن التصميم الجديد لساحة الأمل، القلب النابض للمدينة ومركز فعالياتها الثقافية والاقتصادية، والذي يَعِدُ بتحويلها إلى فضاء عصري وجذاب يجسد رؤية متكاملة للجمالية والانفتاح. يأتي هذا المشروع الطموح، الذي رُصدت له ميزانية تقدر بحوالي 20 مليون درهم، ضمن خطة أشمل لتهيئة وتطوير المدينة، ومن المتوقع أن يرى النور في غضون ستة أشهر.

لا شك أن ساحة الأمل تحتل مكانة محورية في حياة الأكاديريين وزوار المدينة على حد سواء، فهي تشكل فضاءً للقاء والتعبير والاحتفاء بالمناسبات المختلفة. ومن هذا المنطلق، يمكن فهم المسعى الرامي إلى تطويرها وتحديثها بما يتماشى مع التطلعات المعاصرة.

إلا أن هذا المشروع، الذي يحمل في طياته وعودًا بالجمال والرونق، لم يسلم من الجدل والنقاش بين أوساط المواطنين. فقد ارتفعت أصوات تتساءل عن مدى أولوية هذا الإنفاق في ظل وجود أحياء هامشية لا تزال تعاني من نقص في البنية التحتية الأساسية، وتفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم. يرى هؤلاء أن توجيه هذه الموارد نحو تحسين ظروف هذه الأحياء وتوفير الخدمات الضرورية لسكانها كان سيكون أكثر إلحاحًا وأجدى نفعًا.

علاوة على ذلك، أثار التصميم الجديد تساؤلات أخرى تتعلق بالجانب العملي والوظيفي للساحة. فقد عبر البعض عن تخوفهم بشأن مدى مراعاة الدراسة الهندسية لعمليات الحفر المتكررة التي قد تضطر إليها الجهات المنظمة للأنشطة الفنية والاقتصادية. فكما هو معلوم، يلجأ بعض المنظمين إلى حفر أرضية الساحة لتثبيت أعمدة قاعات العروض والتجهيزات المختلفة، وهو ما قد يؤثر سلبًا على جمالية التصميم الجديد وسلامة بنيته التحتية على المدى الطويل.

إن السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو: هل كانت ساحة الأمل بالفعل في أمس الحاجة إلى هذه التهيئة المكلفة في الوقت الراهن؟ أم أن هناك مشاريع أخرى أكثر إلحاحًا وتمس حياة شريحة أوسع من السكان، تستحق أن تحظى بالأولوية في التمويل والتنفيذ؟

لا يمكن التقليل من أهمية الفضاءات العمومية في تعزيز جاذبية المدن وتوفير متنفس للسكان، ولكن في المقابل، لا يمكن تجاهل الحاجيات الأساسية لفئات أخرى من المجتمع. إن تحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة يتطلب رؤية استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار مختلف الأولويات وتعمل على تلبيتها بشكل عادل ومنصف.

يبقى الأمل معقودًا على أن يكون هذا المشروع، رغم الانتقادات المصاحبة له، إضافة نوعية للمدينة وأن يراعي الجوانب العملية والوظيفية إلى جانب الجمالية، وأن يتم في المستقبل إيلاء المزيد من الاهتمام للمناطق التي تحتاج إلى تدخل عاجل لتحسين ظروف عيش سكانها.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬313

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *