دينامية متسارعة لتوسيع محطة “المزار”: نقلة نوعية في تدبير المياه بأكادير الكبير.

يشهد مشروع التوسيع الطموح لمحطة معالجة المياه العادمة “المزار” في جماعة آيت ملول، ضمن نطاق أكادير الكبير، زخمًا ملحوظًا يَعِدُ بإحداث نقلة نوعية في إدارة الموارد المائية الحيوية بالمنطقة، خاصة في مواجهة التحديات المناخية المتصاعدة. يهدف هذا المشروع الاستراتيجي إلى مضاعفة القدرة الإنتاجية للمحطة، لتنتقل من حوالي 13 مليون متر مكعب سنويًا إلى ما يزيد عن 27 مليون متر مكعب من المياه المعالجة. هذه الزيادة الهائلة ستعزز بشكل كبير إمكانيات المنطقة في معالجة المياه العادمة وتثمينها، وفتح آفاق جديدة لإعادة استخدامها في مجالات متنوعة تشمل الزراعة والبيئة والصناعة.

يُنفذ هذا المشروع الحيوي في إطار البرنامج المتكامل لتأهيل البنية التحتية البيئية لأكادير الكبير، تحت إشراف  الشركة الجهوية متعددة الخدمات سوس ماسة وبتعاون وثيق مع العديد من الجماعات الترابية والسلطات المحلية والجهات المؤسسية المعنية. وتجري الأعمال حاليًا على قدم وساق لتوسيع وحدات المعالجة الثلاثية، وتعزيز نظام التجميع، وتمديد شبكة نقل المياه المعالجة لتصل إلى المناطق المستهدفة، بما في ذلك المساحات الخضراء وبعض المزارع المجاورة، وذلك تماشيًا مع التوجه الوطني نحو ترشيد استهلاك المياه وتعزيز استخدام الموارد البديلة.

يؤكد المراقبون أن هذا المشروع يحمل في طياته بُعدين أساسيين، بيئي واقتصادي. فعلى الصعيد البيئي، سيساهم المشروع في الحد من التلوث الناتج عن تصريف المياه العادمة غير المعالجة، وتحسين جودة المياه المعالجة لتتوافق مع المعايير الصحية المعتمدة، مما يفتح آفاقًا واسعة لاستخدامها في الري والحفاظ على المساحات الخضراء وتقليل الضغط على المياه الجوفية. وعلى الصعيد الاقتصادي، يمثل المشروع دعامة قوية لدعم الأنشطة الزراعية في سهل شتوكة آيت باها، الذي يعاني من تزايد الضغط المائي نتيجة الاعتماد على المياه الجوفية في الري، مما يجعل المياه المعالجة بديلاً فعالًا ومستدامًا.

يُعد توسيع محطة “المزار” جزءًا لا يتجزأ من رؤية شاملة لإدارة ندرة المياه في جهة سوس ماسة. تتضمن هذه الرؤية، بالإضافة إلى المعالجة وإعادة الاستخدام، إنجاز محطات جديدة لتحلية مياه البحر مثل محطة “الدويرة”، وتوسيع شبكات تزويد المياه الصالحة للشرب، وتفعيل برامج لترشيد استهلاك المياه في مختلف القطاعات الإنتاجية. وتعتمد هذه المقاربة التكاملية على تحقيق توازن دقيق بين متطلبات التنمية الاقتصادية وضرورة الحفاظ على البيئة، وذلك في سياق وطني وجهوي يضع الأمن المائي في صدارة أولويات السياسات العامة.

 

A.Bout

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬308

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *