في ظل التناقضات المناخية الحادة التي باتت تطبع المشهد البيئي بالمغرب، تعيش المملكة على وقع وضعية استثنائية تجمع بين نقيضين متطرفين؛ أمطار طوفانية وعنيفة في عدد من المناطق خلفت خسائر مادية وبشرية جسيمة، مقابل استمرار الجفاف في مناطق أخرى، من بينها إقليم اشتوكة أيت باها، الذي لا يزال يرزح تحت وطأة خصاص مائي مقلق وتراجع في الموارد الفلاحية. وأمام هذا الواقع المعقد، دخلت السلطات الإقليمية في حالة استنفار قصوى تحسباً لأي طارئ قد تفرضه التقلبات المناخية المتسارعة.
وفي هذا السياق، وجه محمد سالم الصبطي، عامل إقليم اشتوكة أيت باها، نداءً عاجلاً لاستنفار اللجنة الإقليمية لليقظة وتتبع الظرفية، داعياً إلى التعبئة الشاملة لمواجهة مختلف السيناريوهات المحتملة المرتبطة بالوضع الجوي غير المستقر. ويأتي هذا التحرك في إطار مقاربة استباقية تهدف إلى الحد من المخاطر وضمان سلامة المواطنين والممتلكات.
وأكد عامل الإقليم على ضرورة التفعيل الفوري لدور اللجنة الإقليمية، مع التشديد على أهمية التنسيق المشترك والفعال بين مختلف المتدخلين والمصالح المعنية، بما في ذلك الوقاية المدنية، والمصالح الأمنية، ومصالح التجهيز، وغيرها من القطاعات الحيوية. ويروم هذا التنسيق ضمان سرعة التدخل ونجاعة الاستجابة في حال وقوع أي طارئ ناتج عن التقلبات الجوية المفاجئة.
كما شدد السيد الصبطي على أهمية اعتماد ديمومة دائمة لليقظة لا ترتبط بمدة زمنية محددة، بل تظل مفتوحة ما دامت الظروف المناخية غير مستقرة وقابلة للتغير في أي لحظة. وفي هذا الإطار، تم التركيز على عدد من المحاور الأساسية، من بينها تسخير وتجهيز مختلف آليات التدخل، وضمان جاهزيتها التامة، خاصة في ما يعرف بـ“المناطق السوداء” أو النقط التي تعاني هشاشة في البنية التحتية أو تعرف تعرضاً متزايداً لمخاطر الفيضانات والسيول.
وبموازاة ذلك، تم التأكيد على ضرورة تكثيف حملات التحسيس والتوعية لفائدة الساكنة، خصوصاً القاطنين بالمناطق المهددة، من أجل حثهم على الالتزام بإجراءات السلامة، وتفادي المجازفة بالاقتراب من مجاري الأودية والمنحدرات خلال فترات الاضطراب الجوي.
ويأتي هذا الاستنفار الإقليمي استجابة لتحيين النشرة الإنذارية الصادرة عن المديرية العامة للأرصاد الجوية، والتي رفعت مستوى اليقظة إلى الدرجة البرتقالية بعدد من جهات المملكة، في مؤشر واضح على خطورة المرحلة وضرورة التحلي بأقصى درجات الحيطة والحذر.
وقد ألّح عامل إقليم اشتوكة أيت باها على ضرورة الرفع من مستوى اليقظة الجماعية والفردية، والالتزام الصارم بقواعد السلامة الشخصية والجماعية، في ظل تقلبات مناخية غير مسبوقة باتت تفرض نفسها بقوة.
إن التحدي الحقيقي الذي يواجه الإقليم اليوم يكمن في الاستعداد لسيناريوهات متناقضة في آن واحد؛ فمن جهة، استمرار الجفاف وما يترتب عنه من آثار سلبية على الفلاحة والموارد المائية، ومن جهة أخرى، الاستعداد الفوري لاحتمال تساقطات مطرية عنيفة ومفاجئة قد تتسبب في سيول جارفة، على غرار ما شهدته مناطق أخرى بالمغرب في الآونة الأخيرة. وهو ما يفرض اعتماد مقاربة استباقية شاملة قوامها اليقظة، والتنسيق، والمسؤولية الجماعية.













