يثير ملف تضارب المصالح لدى عدد من المنتخبين بالجماعات الترابية التابعة لإقليم اشتوكة آيت باها جدلاً متصاعدًا، بعد الكشف عن معطيات تتحدث عن استفادة مستشارين جماعيين من محلات تجارية وعقارات مملوكة للجماعات، سواء بشكل مباشر أو عبر أقاربهم، في خرق محتمل للقانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، ولدورية وزارة الداخلية رقم D1854.
وتطال هذه الشبهات مستشارين ب7جماعات حيث تشير مصادر محلية إلى قيام بعضهم بتمرير محلات جماعية إلى أقاربهم وأصهارهم، في محاولة للتحايل على المقتضيات القانونية التي تمنع ربط أي علاقة مصلحية مع الجماعة التي ينتمون إليها.
دورية الداخلية: وضوح في النص… وغموض في التطبيق
دورية وزير الداخلية، الصادرة تحت رقم D1854، شددت بوضوح على منع كل منتخب جماعي من ربط مصالح خاصة مع جماعته، سواء بصفة شخصية أو عن طريق أقاربه أو الجمعيات التي ينتمي إليها، تحت طائلة العزل والترتيبات القانونية الأخرى. وجاءت هذه الدورية نتيجة لتقارير واستشارات قانونية توصلت بها الوزارة، تفيد باستمرار بعض المنتخبين في استغلال ممتلكات أو أنشطة كانت تربطهم بالجماعة قبل انتخابهم.
لكن، وعلى الرغم من هذا الوضوح، تشير المؤشرات المتوفرة إلى أن بعض المنتخبين لم يمتثلوا لهذه التعليمات، بل عملوا على الالتفاف عليها، عبر التنازل “الصوري” عن هذه المحلات والعقارات لأفراد من عائلاتهم، في سيناريو يوحي بوجود تحايل منظم يهدف إلى الإبقاء على المنافع السابقة، مع تجنب الملاحقة القانونية.
بدل الامتثال… تحايل وتفويت مشبوه
بدل أن يبادر هؤلاء المستشارون إلى التنازل عن المحلات والعقارات الجماعية التي أصبحت وضعيتها مخالفة للقانون، وفق ما تقتضيه الدورية، عمدوا إلى تفويتها لأقاربهم بطرق ملتوية، مما يجعلهم في وضعية تضارب مصالح غير مباشرة. وهو ما يعكس غيابًا صارخًا لروح المسؤولية، وسلوكًا يسيء إلى صورة المجالس المنتخبة ويفقدها الثقة الشعبية.
التحقيق… الفيصل في إدانة أو براءة
ورغم جسامة المعطيات المتداولة، فإن التحقيق الإداري وحده هو الكفيل بإثبات مدى تورط هؤلاء المنتخبين، وتحديد المسؤوليات بشكل دقيق، بعيدًا عن منطق الاتهام المسبق أو التستر غير المبرر. فالملف يتطلب تحركًا من الجهات الرقابية المختصة، خصوصًا السلطات الإقليمية والهيئات المكلفة بالمفتشية العامة للإدارة الترابية.
دعوات للمحاسبة وحماية المال العام
في ظل هذه المؤشرات، تتعالى الدعوات من فعاليات مدنية وسياسية بضرورة التحرك العاجل للعامل الجديد محمد سالم الصبتي لفتح تحقيق معمق وشامل في الموضوع، واتخاذ الإجراءات المناسبة ضد أي منتخب ثبت إخلاله بالقانون، من خلال التوقيف أو العزل أو المتابعة القضائية. كما يؤكد متابعون أن حماية المال العام تقتضي تطبيق القانون دون استثناء، وتجفيف منابع الفساد الذي يعرقل التنمية المحلية ويهدر ثقة المواطنين.
إن ما يجري ببعض جماعات إقليم اشتوكة آيت باها لا يتعلق فقط بتجاوز قانوني فردي، بل بمؤشرات مقلقة على استغلال مراكز القرار الجماعي لتحقيق مصالح خاصة، سواء عبر المنتخب نفسه أو عن طريق أقاربه. وإزاء ذلك، فإن تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، وفتح تحقيق نزيه وشفاف، يظلان الضمانة الحقيقية لصون المال العام وتعزيز شفافية العمل الجماعي.