في مشهد يتكرر ويكشف عن إصرار غريب من جانب الشركة المستغلة على تجاهل صحة المواطنين وسلامتهم، كشفت زيارة تفقدية قامت بها لجنة محلية اليوم الجمعة إلى المجزرة الجماعية بسيدي بيبي عن استمرار الخروقات البيئية والصحية الخطيرة. هذه الزيارة، التي جاءت بعد انتهاء المهلة الممنوحة للشركة لتنفيذ الإصلاحات، تؤكد أن المشكلة ليست وليدة اللحظة، وأن تهاون الشركة بات أمراً غير مقبول.
لقد ظل ملف مجزرة سيدي بيبي يشكل نقطة سوداء لسنوات طويلة، حيث كانت الاختلالات البيئية والصحية واضحة للعيان. وعلى الرغم من أن السلطات الإقليمية والمحلية قامت بدورها مراراً وتكراراً في تنبيه الشركة وتوجيهها نحو الإصلاح، إلا أنها ظلت تتجاهل هذه التوجيهات لأسباب لا تزال مجهولة. كانت هناك زيارات تفقدية سابقة، وتنبيهات، وحتى مهل زمنية ممنوحة للشركة لتدارك الوضع، لكن كل ذلك لم يجد نفعاً على أرض الواقع.
مع حلول العامل الجديد للإقليم، تم تحريك هذا الملف الراكد، وبدأ العمل على قدم وساق بتوجيهات واضحة منه بضرورة وضع حد لهذا الاستهتار بصحة المواطنين. وتأتي زيارة اليوم لتؤكد أن التوجيهات كانت في محلها، وأن هناك إرادة حقيقية لمعالجة المشكل.
ما كشفته معاينة اليوم، ورغم بعض أعمال الترميم السطحية، هو استمرار للواقع المزري الذي ألفناه. مياه ملوثة، حفر غير مفرغة، مرافق غير صالحة، انتشار الأوساخ والروائح الكريهة، كلها دلائل على أن الشركة لم تأخذ الأمر على محمل الجد. بل بلغ الأمر حد ضبط ذبائح غير مطابقة للمعايير الصحية تم حجزها وإتلافها، وهو ما يدعو للقلق الشديد ويثير تساؤلات حول مدى سلامة اللحوم التي تصل إلى موائد المستهلكين.
اللجنة المحلية، وبعد اطلاعها على هذا الوضع، اعتبرت المجزرة غير ملائمة لمزاولة نشاط الذبح، وأوصت باتخاذ إجراءات إدارية صارمة. هذه التوصيات، التي تتوافق مع التوجه الجديد لعامل الإقليم، يجب أن تُترجم إلى قرارات حاسمة لضمان حماية صحة المستهلكين وضمان احترام معايير السلامة.
إن التهاون المستمر للشركة يضعها أمام مسؤولية تاريخية. فالسلطات قامت بواجبها، والعامل الجديد يوجه نحو الإصلاح، لكن الكرة الآن في ملعب الشركة. هل ستستمر في هذا التهاون، أم أنها ستستجيب أخيراً لنداء الواجب وتحمي صحة المواطنين؟