وزارة الداخلية تشن حملة تفتيش غير مسبوقة ضد “مافيا” الأراضي الجماعية: هل تشتعل شرارة المحاسبة في اشتوكة آيت باها؟

في تحول حاسم يعكس إرادة قوية لمكافحة الفساد، تستعد المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية لإطلاق أضخم عملية تفتيش نوعية على الصعيد الوطني خلال الأسابيع القليلة المقبلة. هذه الحملة غير المسبوقة، التي تأتي تحت إشراف الوالي الجديد للمفتشية، تستهدف تفكيك شبكات المضاربة والاختلالات التي طالت تدبير الأملاك العقارية الجماعية، والتي تفجرت على إثر تقارير “خطيرة” هزت أركان الوزارة.

بؤر الفساد تحت المجهر: الرباط والدار البيضاء نقطة الانطلاق
العملية ستنطلق من جهتي الدار البيضاء–سطات والرباط–سلا–القنيطرة، وهما من أكبر المناطق الحضرية التي شهدت تمددًا عمرانيًا سريعًا. ستعمل لجان التفتيش على التدقيق في صفقات تفويت مشبوهة لعقارات جماعية، تمت بأثمان بخسة ودون احترام لأبسط قواعد المنافسة والنزاهة. لن تتوقف التحقيقات عند هذا الحد، بل ستمتد لتشمل ملفات موظفين جماعيين يُشتبه في تواطئهم عبر تزوير سجلات الممتلكات، وتجاهل المساطر القانونية في الخبرة والمزايدة والتعويضات.

تأتي هذه الخطوة مدعومة فنياً من مديرية الممتلكات، التي نسقت مسبقاً مع وكالة المحافظة العقارية لحصر وتحفيظ أراضي الجماعات، في خطوة استباقية لتعزيز الرقابة وحماية الوعاء العقاري من النهب والتلاعب الذي استنزف جزءاً كبيراً من الثروة الوطنية.

خروقات صادمة وتقارير مقلقة
التقارير الأولية كشفت عن خروقات مقلقة تثير الدهشة والاستياء. فقد تم رصد تفويت أراضٍ بأسعار رمزية لمنعشين عقاريين مقربين من مسؤولين جماعيين، بحجة مشاريع تنموية لم ترَ النور قط. كما تم الكشف عن حالات تغاضٍ فاضح لرؤساء جماعات عن استرجاع عقارات محتلة، أو فسخ عقود تأجير يشوبها تضارب المصالح، بما في ذلك عقود استفاد منها منتخبون وموظفون أنفسهم. هذه الممارسات، إن ثبتت، تكشف عن مستوى مقلق من الفساد وسوء استغلال السلطة.

اشتوكة آيت باها: هل تصلها رياح التفتيش؟
مع تصاعد وتيرة هذه الحملة، تتركز الأنظار على الأقاليم الأخرى التي تزخر بوعاء عقاري جماعي شاسع، لطالما كان محط انتقادات واتهامات بالتفويت العشوائي. وفي هذا السياق، يبرز إقليم اشتوكة آيت باها كأحد أبرز هذه الأقاليم. فالمنطقة شهدت في السنوات الأخيرة تمدداً عمرانياً لافتاً، رافقه جدل واسع حول شفافية مساطر التفويت، ومعايير اختيار المستفيدين، خاصة في بعض الجماعات التي كثرت حولها الشكايات المتعلقة بشبهات تضارب المصالح واستغلال النفوذ.

اليوم، أصبحت الكرة في ملعب المفتشية العامة للإدارة الترابية. وقد تعهدت المفتشية بتبني نهج صارم في التعامل مع نتائج التفتيش، من خلال إحالة الملفات المشتبه فيها على محاكم جرائم الأموال. هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام محاسبة تاريخية لعدد من المسؤولين المتورطين في تبديد العقار الجماعي، الذي يُعتبر أحد أهم أعمدة الثروة العمومية بالمغرب.

يبقى السؤال العالق الذي يشغل بال الرأي العام والمتابعين: هل ستصل نيران التفتيش إلى اشتوكة آيت باها؟ أم أن الإقليم سيظل خارج دائرة المساءلة رغم تنامي الشكوك والاتهامات التي تحوم حول تدبير عقاراته الجماعية؟

الأيام القليلة المقبلة كفيلة بالإجابة على هذا التساؤل المصيري.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬191

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *