في كواليس الإبداع الأمازيغي: “إضرابن”… جنود الخفاء في فن ترويسا

عادةً ما يُنسب العمل الفني في المشهد الغنائي الأمازيغي، وخاصةً فن ترويسا، إلى شخصية مركزية واحدة هي “الرايس” – وهو لقب يوحي بالقيادة المطلقة التي لا تقبل شريكًا. لكن هذه النظرة غالبًا ما تُغفل الدور المحوري الذي يلعبه فنانون آخرون يعملون خلف الستار بتفانٍ. هؤلاء الفنانون، الذين يُطلق عليهم في فن ترويسا اسم “إضرابن”، يشكلون الفرقة المصاحبة للرايس في عروضه وتسجيلاته الفنية.

يتكون فريق “إضرابن” في الغالب من عازفين متخصصين على آلات متنوعة مثل الرباب واللوتار، بالإضافة إلى إيقاعيين يتقنون النقر على الطمطام والبندير والناقوس. كما يضم الفريق راقصين من كلا الجنسين، وقد يستعين بآلات حديثة مثل القيثار والسنتير والبيانو. بعبارة أخرى، “إضرابن” هم مجموعة من المختصين الذين يؤدون أدوارًا محددة، وبغيابهم يستحيل اكتمال العمل الفني.

يخضع أعضاء “إضرابن” لسلطة الرايس ويأتمرون بأوامره، وهم بذلك يُعتبرون صناعًا حقيقيين للفرجة من مواقعهم المختلفة. فنجاح أي عرض فني يعتمد على حضور هؤلاء المختصين الذين تتكامل أدوارهم في سياق عام يمنح العرض جماليته الفريدة. يبدأ العازف بـ “أسترا” كتمهيد لعزف الأغنية التي سيؤديها الرايس، بينما يتناغم الإيقاعيون معه، ويقدم الراقصون والراقصات عروضًا جسدية تنسجم مع العزف وتجذب انتباه الجمهور. وعندما يبدأ الرايس في أداء القطعة الفنية، يشاركه فريق الكورال بترديد جملة أو لازمة تتكرر على مدار الأغنية.

إن الجهد الذي يبذله هؤلاء الفنانون يستحق التقدير والاعتراف. فمتى سيتحقق ذلك؟ متى سيتم إنصاف هذه الفئة التي تعمل في الظل رغم حضورها البارز في كل عمل فني؟ إنه نداء لرد الاعتبار لهؤلاء “الجنود المجهولين” في عالم فن ترويسا.

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬319

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *