القضية التي هزت إنشادن: حين يتقاطع الأخلاقي بالتربوي والسياسي

تشهد جماعة إنشادن حالة من الغليان والاحتقان غير المسبوقين، حيث تتجه الأوضاع داخل الثانوية التأهيلية الأمويين إلى نقطة اللاعودة، على خلفية اتهامات خطيرة بـ”التصرفات غير الأخلاقية” تطال مدير المؤسسة. هذه الاتهامات لم تعد مجرد همسات في الكواليس، بل تحولت إلى قضية رأي عام، بعد أن أعلن تلاميذ المؤسسة عزمهم خوض احتجاجات صباح يوم غدٍ داخل أسوارها، رافضين استمرار المدير في منصبه.

لقد انتقلت هذه القضية من الفضاء التربوي الضيق إلى صلب النقاش العمومي، حيث كانت محوراً ساخناً خلال أشغال الدورة العادية لشهر أكتوبر 2025 لمجلس جماعة إنشادن. وفي خطوة تحمل دلالات الإدانة، كشف رئيس الجماعة عن سلوكيات وممارسات قيل إنها “تسيء لصورة المؤسسة التعليمية”، مؤكداً أن المجلس يدين بشدة مثل هذه التصرفات إن ثبتت. ودعا المجلس المديرية الإقليمية للتربية الوطنية باشتوكة آيت باها والسلطات المختصة والنيابة العامة إلى فتح تحقيق عاجل وشامل ونزيه في النازلة، مع اتخاذ الإجراءات القانونية والتأديبية اللازمة في حق كل من يثبت تورطه.

معطيات صادمة تزيد الطين بلة: محادثات “واتساب” تكشف استغلالا مزعوماً

في تطور يزيد من خطورة الملف، وفي حال ثبتت صحتها، تروج أنباء قوية تفيد بوجود محادثات عبر تطبيق “واتساب” منسوبة للمدير، تشير إلى استغلال جنسي مزعوم لإحدى الفتيات. وبحسب هذه الأنباء، فإن المدير كان يستغل الفتاة جنسياً مقابل ضمان نجاح شقيقها الذي يدرس في نفس المدرسة التي يديرها. إن صحة هذه المحادثات، التي يجب أن تكون في صلب التحقيق القضائي، تنقل القضية من مجرد تجاوزات إدارية أو أخلاقية إلى شبهة جريمة خطيرة تمس بالشرف وحرمة المؤسسة التعليمية والأسرة.

الغضب ينتقل إلى الشارع والساكنة تهدد بالتصعيد

لم ينتظر الشارع نتائج التحقيق، إذ انتقلت حالة الغضب إلى الساكنة المحلية التي أعلنت بدورها الاستعداد للخروج في احتجاجات واسعة أمام المؤسسة التعليمية. وتعتبر الساكنة أن مجرد إعادة المدير إلى منصبه “سيكون استفزازاً لمشاعر الجميع واعتداءً على كرامة التلاميذ”، ما يشير إلى فقدان كبير للثقة في قدرة المؤسسات الوصية على معالجة الملف بحزم.

رئيس جمعية المديرين يدخل على الخط: اتهامات “كيدية” وتهديد باللجوء للقضاء

في خضم هذا الغليان الشعبي، دخلت جمعية المديرين للسلك الثانوي بإقليم اشتوكة آيت باها على خط الأزمة، عبر رئيسها الذي نشر تدوينة شديدة اللهجة. فقد استنكر رئيس الجمعية “الحملة المغرضة التي يتعرض لها زميله مدير ثانوية الأمويين”، مؤكداً أن كرامة الأطر التربوية “خط أحمر”، وأن المؤسسات التعليمية “ليست ساحة لتصفية الحسابات أو لتحقيق مكاسب سياسية رخيصة”.

وفي تدوينة موجهة بشكل مباشر إلى من يتهمون المدير، أشار رئيس الجمعية إلى أن “الهجمة الشرسة” جاءت بسبب “عدم تطويعه لتلبية رغباتهم في التصرف داخل المؤسسة، وذلك بقبول المنقطعين والمفصولين بعيداً عن الضوابط المؤطرة لهذه العملية”. واتهم خصوم المدير باللجوء إلى “أساليب بئيسة عبر النبش في حياته الخاصة كمواطن بعيداً عن كل ما له علاقة بالمؤسسة”. واختتم رئيس الجمعية تدوينته بالتهديد الواضح: “نقول إن الجمعية تحتفظ بحقها في اللجوء إلى القضاء للفصل في هذه النازلة، ولن نقبل استغلال المؤسسات التعليمية بالإقليم لأهداف سياسية رخيصة”.

إن هذا الوضع المتوتر، الذي يشهد اتهامات خطيرة تقابلها اتهامات مضادة باستغلال سياسي، ينذر بتحول القضية إلى أزمة اجتماعية واسعة إذا لم تتدخل الجهات المعنية بسرعة وشفافية لتهدئة الأوضاع. فالمدرسة، التي يفترض أن تكون رمزاً للقيم والانضباط والأمان، لا يمكن أن تتحول إلى بؤرة توتر وفقدان للثقة بين التلاميذ والأطر التربوية والأسر.

وفي انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات الرسمية والقضائية، خاصة فيما يتعلق بمحتوى محادثات “واتساب” المزعومة، والاتهامات والاتهامات المضادة، يبقى الرأي العام في إنشادن يترقب خطوات حاسمة من وزارة التربية الوطنية والمديرية الإقليمية، لطيّ هذا الملف بما يحفظ هيبة المؤسسة التعليمية وكرامة التلاميذ والأطر والساكنة على حد سواء، ويجعل القانون فوق الجميع.

الأخبار ذات الصلة

1 من 40

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *