لا يزال مطلب إحداث نواة جامعية بإقليم اشتوكة آيت باها يطفو بقوة على سطح النقاشات العمومية واللقاءات الرسمية، باعتباره أحد المطالب الأكثر إلحاحاً من طرف الساكنة والفاعلين المحليين، في منطقة تشهد نمواً ديموغرافياً متسارعاً ودينامية اقتصادية متنامية، لكنها محرومة من بنية جامعية تستجيب لتطلعات شبابها.
معاناة الطلبة والهدر الجامعي
غياب مؤسسة جامعية بالإقليم يدفع آلاف الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا إلى التنقل يومياً لمسافات طويلة نحو أكادير وآيت ملول وتارودانت، وهو ما يثقل كاهل الأسر مادياً، ويؤدي إلى ارتفاع معدلات الهدر الجامعي، خصوصاً في صفوف الفتيات اللواتي يجدن صعوبة في الاستمرار بسبب مشاكل النقل والإيواء وغياب المنح الكافية. وتشير الأرقام إلى أن أكثر من 4400 تلميذ وتلميذة من أبناء الإقليم يلجون سنوياً مرحلة التعليم العالي دون أن تتوفر لهم بنية قريبة تحتضن مسارهم الأكاديمي.
ترافع مؤسساتي ومدني
منذ سنوات، سطّر المجلس الإقليمي لاشتوكة آيت باها هذا المطلب ضمن أولوياته، حيث وجه مراسلات متكررة للوزارة الوصية، مستنداً على الخطاب الملكي الداعي إلى جعل جهة سوس ماسة قطباً اقتصادياً وتنموياً متكاملاً. المجلس أكد استعداده لتوفير العقار المخصص للمشروع، بل صادق في دورة استثنائية سنة 2019 على ملتمس رسمي لإنجاز النواة الجامعية، في انسجام مع برنامج التنمية الإقليمي 2017-2022.
بالتوازي، لم تتوقف الفعاليات المدنية والحقوقية عن الضغط، عبر بيانات وتوصيات وندوات، آخرها دعوة عضوة مجلس جهة سوس ماسة نعمة السعدية إلى التعجيل بتخصيص وعاء عقاري مناسب بمنطقة آيت عبو، معتبرة أن استمرار حرمان الإقليم من مؤسسة جامعية يعمّق الفوارق الاجتماعية والمجالية.
هواجس الاستغلال السياسي
غير أن هذا المطلب المجتمعي المشروع لم يَسلم من التجاذبات السياسية، إذ عبّر بعض الفاعلين عن تخوفهم من محاولة توظيف المشروع انتخابياً عبر تخصيص الوعاء العقاري في مناطق نفوذ بعض المنتخبين، ما قد يفرغ المبادرة من بعدها التنموي ويحوّلها إلى ورقة للمزايدات.
أسئلة البرلمان وضغط ممثلي الأمة
في السياق نفسه، وجّه المستشار البرلماني الحسين مخلص عن حزب الأصالة والمعاصرة سؤالاً كتابياً لوزير التعليم العالي، أبرز فيه حجم المعاناة التي يتكبدها طلبة الإقليم وذووهم، مؤكداً أن إحداث نواة جامعية سيخفف الضغط عن جامعة ابن زهر التي تعاني أصلاً من الاكتظاظ، وسيعزز العدالة المجالية في توزيع المؤسسات الجامعية. وأشار مخلص إلى أن هناك مستثمرين محليين عرضوا بالفعل توفير عقار مجهز بمساحة 6 هكتارات لتسريع إخراج المشروع إلى حيز الوجود.
الحاجة إلى قرار سياسي شجاع
أمام كل هذه المعطيات، يبدو أن الكرة اليوم في ملعب وزارة التعليم العالي والحكومة، لاتخاذ قرار سياسي شجاع ببرمجة المشروع ضمن أولوياتها، خصوصاً وأن التجارب المماثلة في جهات أخرى أثبتت أن النواة الجامعية تشكل رافعة أساسية للتنمية المجالية وتثبيت الشباب في محيطهم.
يبقى الرهان الأكبر هو أن يتحول هذا الترافع المتعدد الأطراف إلى إرادة تنفيذية عملية، بعيداً عن الحسابات الانتخابية الضيقة، حتى يرى مشروع النواة الجامعية النور، ويستفيد أبناء وبنات اشتوكة آيت باها من حقهم في تعليم عالٍ لائق ومتاح داخل ترابهم الإقليمي.
A.Boutbaoucht