“الباقي استخلاصه” يورّط جماعات ترابية.. الداخلية تفتح أبحاثاً حول خسائر بمليارات الدراهم

أفادت مصادر مطلعة أن مديرية مالية الجماعات، التابعة للمديرية العامة للجماعات الترابية، منكبة منذ أسابيع على استكمال أبحاث إدارية موسعة، بغاية تحديد أسباب الأزمات المالية الحادة التي تعيشها مجموعة من الجماعات الترابية بسبب تداعيات تطبيق القانون رقم 82-17 المتعلق بإعفاءات الغرامات والذعائر.

وحسب المعطيات نفسها، فإن هذه الإعفاءات التي كان يُفترض أن تخفف من أعباء “الباقي استخلاصه”، تحولت إلى ثغرة مالية خطيرة، إذ حُرمت الجماعات الترابية من مداخيل تناهز مليارات الدراهم سنوياً، فيما بلغ حجم “الباقي استخلاصه” لدى بعض الجماعات ما يقارب 43 مليار درهم، لا يمكن استرجاع سوى 10 مليارات منها، في حين يظل تحصيل 33 مليار درهم مستحيلاً في ظل الوضع الحالي.

الأبحاث الأولية التي باشرتها مصالح وزارة الداخلية ربطت هذا النزيف المالي بعدة عوامل متشابكة، منها ضعف الإمكانيات الإدارية والموارد البشرية، إلى جانب شبهات فساد وتواطؤ بين بعض المحاسبين العموميين والمنتخبين وملزمين بالأداء، وهو ما سمح بتمرير إعفاءات اعتُبرت “مشبوهة” وأدى إلى تفاقم العجز المالي.

وتشير الوثائق التي تم رصدها إلى أن الخسائر لم تقتصر على الضرائب فقط، بل شملت أيضاً الرسوم، الحقوق، المساهمات، والإتاوات المستحقة لفائدة الجهات والأقاليم والجماعات، ما ألقى بظلال قاتمة على توقعات الميزانيات السنوية، وعمّق اختلالات التوازن المالي خلال الفترة المتبقية من الولاية الحالية.

ويُذكر أن القانون رقم 82-17، الذي لجأت إليه الجماعات الترابية باعتباره وسيلة لتقليص حجم المتأخرات، منح رؤساء الجماعات صلاحية الإذن للإدارات الجبائية بإعداد لوائح محينة للملزمين المستفيدين من الإعفاء، غير أن غياب المراقبة الصارمة حول تطبيق هذه المقتضيات سمح بانتشار ممارسات غير شفافة.

وقد رصدت أبحاث الداخلية خلال السنوات الأربع الأخيرة تضخماً مقلقاً في حجم الباقي استخلاصه، محولاً هذه المتأخرات إلى عبء مزمن يُثقل كاهل التدبير المحلي، فيما أكدت مصادر أن عدداً من الملزمين بالأداء نجحوا في التهرب عبر التستر على مداخيل خاضعة للضريبة أو الإدلاء بتصريحات مضللة.

الخلاصات الأولية للأبحاث خلُصت إلى أن الأزمة المالية الحالية تعود إلى غياب هيكلة واضحة للإدارات الجبائية، وانتشار الفساد والرشوة، إضافة إلى تواطؤ بعض المنتخبين مع الملزمين، مما جعل تحصيل المداخيل أمراً بالغ الصعوبة، وأدخل ميزانيات الجماعات في حالة اختناق مالي.

تجدر الإشارة إلى أن وزارة الداخلية كانت قد عقدت، مع نهاية السنة الماضية، سلسلة من الاجتماعات مع جماعات سجلت معدلات قياسية في حجم “الباقي استخلاصه”، وذلك لتسريع عملية التحصيل وتفعيل مقتضيات القانون 47.06 المحيّن المتعلق بجبايات الجماعات الترابية. وقد أكدت الوزارة حينها على ضرورة اعتماد تصنيف الديون حسب مستوى مخاطر تحصيلها، بدل قيمتها المالية فقط، من أجل تعبئة الموارد وتحسين آليات الحكامة المالية.

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬234

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *