عكست الدورة الأخيرة للمجلس الإقليمي لاشتوكة آيت باها، التي انعقدت اليوم الثلاثاء 19 غشت 2025، صورة نمطية لمؤسسة “مغلوبة على أمرها”، تتجاوز فيها القرارات الحسم داخل قاعة الاجتماعات لتصبح مجرد إجراء شكلي يُصادَق عليه سلفاً. هذا المشهد، الذي بات مألوفاً، يُثير تساؤلات جدية حول استقلالية المنتخبين ومصداقية المؤسسة المنتخبة في خدمة مصالح المواطنين.
يُشير مراقبون إلى وجود شخصية نافذة تُمسك بزمام الأمور وتتحكم في توازنات المجلس، مُفرغةً بذلك صلاحيات المنتخبين من محتواها وتُضعف قدرتهم على اتخاذ قرارات مستقلة. هذه التبعية السياسية لا تُقوض فقط مبادئ الديمقراطية التمثيلية، بل تُرسّخ أيضاً ثقافة الخضوع والولاء بدلاً من المساءلة والمصلحة العامة.
ولعل أبرز مثال على هذا الواقع هو القرار المثير للجدل الذي اتخذته الأغلبية في التصويت على رفض عذر نائبة الرئيس المتغيبة عن أشغال المجلس منذ أربع سنوات لتواجدها خارج أرض الوطن. هذا الغياب الطويل، الذي يُكلف الميزانية الإقليمية حوالي 7000 درهم شهرياً كتعويضات، يُمثل استنزافاً صارخاً للمال العام في ظل حاجة الإقليم الماسة للمشاريع التنموية. والغريب في الأمر، أن حتى المعارضة، الممثلة في اب نائبة الرئيس والذي يشغل رئيسا لجماعة الصفاء، قد صوتت لصالح هذا العذر، ما يُظهر تداخلاً للمصالح العائلية والسياسية يُعيق أي محاولة للمساءلة.
إن استمرار هذه الممارسات لا يُكرس فقط الصراعات الضيقة والمناورات السياسية، بل يُهدر أيضاً فرص التنمية الحقيقية التي يحتاجها الإقليم. فالمواطن في اشتوكة آيت باها يظل هو الخاسر الأكبر في هذا المشهد السياسي المرتبك، حيث تُقدم المصالح الشخصية على المصلحة العامة، وتتحول المؤسسات المنتخبة إلى مجرد أدوات لتمرير الأجندات الخاصة، بدلاً من أن تكون قاطرة للتغيير والتقدم.
ألا يحين الوقت لإعادة الاعتبار للمؤسسات المنتخبة ووضع حد لهذه الممارسات التي تُفرغها من جوهرها؟