صرخة من اشتوكة آيت باها: “البيروقراطية” و”البنية التحتية المتردية” تعيقان التنمية

الحلقة الأولى

يُواكب الرأي العام المحلي بإقليم اشتوكة آيت باها، باهتمام كبير، التحركات الأخيرة لعامل الإقليم الجديد، السيد محمد سالم الصبتي، الذي خلف انطباعًا إيجابيًا لدى الساكنة. ففي جولة استقصائية للجريدة تزامنت مع انعقاد السوق الأسبوعي ببيوكرى، عبر العديد من المواطنين عن تطلعاتهم ومشاكلهم، آملين أن يجدوا آذانًا صاغية لدى المسؤول الأول عن الإقليم.

تبسيط الإجراءات.. مطلب جماهيري ملح
يكاد يكون تبسيط الإجراءات والقضاء على البيروقراطية هو المطلب الأكثر إلحاحًا في مختلف أنحاء الإقليم. فالمواطنون يستنكرون صعوبة مقابلة عامل الإقليم السابق، مشيرين إلى أن طلباتهم تظل معلقة دون رد، ويتساءلون عن سبب هذه الإجراءات المعقدة.

وعلى رأس الملفات التي تستدعي تدخلاً عاجلاً يأتي ملف رخص البناء. فالساكنة، خصوصًا في المجال القروي وجماعة الصفاء، تُعاني الأمرين للحصول على هذه الرخص. مطالب المواطنين واضحة: تبسيط المساطر، تمليك الأراضي، والسماح بالبناء في الأحياء التي تتوفر فيها الشروط الأساسية كالماء والكهرباء والصرف الصحي. فعلى سبيل المثال، يطالب البعض، بفك الحصار عن رخص البناء التي طال انتظارها. كما يبرز مشكل “شهادة التصرف” في البناء والمساحات الصغيرة كعقبات أمام حق السكن اللائق المكفول دستوريًا.

البنية التحتية والخدمات الأساسية.. واقع مؤلم وتطلعات كبيرة
لا تخفى على عين الزائر تردي البنية التحتية في العديد من مناطق اشتوكة آيت باها. الشوارع والأزقة، سواء في بيوكرى أو في الدواوير والجماعات القروية، تعاني من الحفر وتفتقر إلى التهيئة اللازمة. يطالب السكان بتأهيل الطرقات، بما في ذلك الطريق الرابطة بين أيت عميرة وبلفاع، وطريق سد يوسف ابن تاشفين، فضلاً عن المسالك الطرقية المؤدية للدواوير التي تضررت بعد سنوات قليلة من تعبيدها.

أما على مستوى الخدمات الأساسية، فالوضع لا يقل سوءًا. هناك نقص حاد في الإنارة العمومية في العديد من الدواوير كأيت ولياض وأزدو وأزكريتن وتلحاج، ومشكل تراكم النفايات، ونقص في الماء الصالح للشرب في دواوير مثل أكرار ماسة وتين آيت إزم وتلحاج وأداومنو.

ويُشدد المواطنون على ضرورة الاهتمام بالمرافق الاجتماعية. فغياب المساحات الخضراء والمتنفسات، وقلة الملاعب العمومية، يترك الشباب بدون فضاءات للترفيه والرياضة. كما أن المراكز الصحية، مثل المركز الصحي بإداوكنظيف، لا تُقدم خدمات تذكر، فيما يعاني قطاع التعليم من نقص في البنيات، كغياب مدرسة بدوار أكرار ماسة لأكثر من خمس سنوات، ونقص النقل المدرسي في دواوير مثل أيت ولياض.

ويبرز ملف النقل الحضري كأحد المشاكل الرئيسية، حيث يعاني سكان بيوكرى من غلاء سيارات الأجرة الصغيرة والمحسوبية في الحصول على خدماتها، ويطالبون بتوفير حافلات تربط بيوكرى بأكادير وباقي الجماعات مثل أيت ميلك وسيدي بوسحاب وبلفاع. كما أن محطات الطاكسيات في حالة مزرية.

مطالب اجتماعية وتنموية.. دعوة للمحاسبة والشفافية
تُطالب الساكنة بالعمل على إدماج الشباب العاطل عن العمل ومنحهم فرصًا في مناصب شغل، كما يشتكون من عدم تفعيل برامج الهيكلة التي كان من شأنها توفير فرص شغل للحرفيين. كما يطالبون ببرامج تكوينية لجمعيات المجتمع المدني وتعزيز دورها كشريك.

ويُطالب المواطنون بوضع حد للمحسوبية والزبونية في الحصول على الوظائف والخدمات، مؤكدين على ضرورة الشفافية والمحاسبة ضد الفساد والمفسدين، ومراجعة المشاريع المشبوهة. كما يدعو السكان إلى التصدي لظاهرة الرعاة الرحل وتأثيرهم على الأراضي الفلاحية، وتقديم تسهيلات للفلاحين للانخراط في مشاريع فلاحية صغيرة.

جماعة واد الصفاء.. نموذج للتهميش التنموي
تُعتبر جماعة واد الصفاء، خصوصًا دواويرها المهمشة مثل أزدو وأيت أوماليا وأزكريتن وأيت وكمار وأدوز أسعود، مثالًا صارخًا على التهميش التنموي. تعاني هذه المناطق من بعد عن الطرق الرئيسية، وضعف البنية التحتية، وغياب الإنارة وملاعب القرب والمسالك المؤدية للمدارس الثانوية. كما تنتشر فيها ظاهرة تكدس النفايات ونقص خدمات الإنترنت، فضلاً عن مشكل الشاحنات الضخمة التي تسلك الطرق غير المجهزة للتهرب من السدود القضائية، مما يشكل خطرًا على الساكنة ويهدد جودة الطرق.

ويُناشد سكان جماعة الصفاء عامل الإقليم بالقيام بزيارات ميدانية مباشرة لهذه الدواوير للوقوف على المشاكل عن كثب، آملين في وضع عقد اجتماعي تنموي شامل يُعالج الملفات العالقة منذ عقود ويُعزز الاستثمار العمومي والخاص في المنطقة.

تفاؤل حذر بقدوم العامل الجديد
على الرغم من حجم المشاكل والتحديات، يبدو أن هناك تفاؤلاً حذرًا لدى ساكنة اشتوكة آيت باها بقدوم العامل الجديد، السيد محمد سالم الصبتي. يشيد المواطنون بتحركاته الأخيرة وتتبعه للأوراش بالإقليم، ويأملون أن يُحدث تغييرًا جذريًا وأن يكون “نعم العامل لملكنا الهمام محمد السادس نصره الله”. فالساكنة تنتظر منه زيارات ميدانية للقرى والمداشر، وفتح مجال للحوار المباشر معهم، لكي يتمكن المواطن البسيط من إيصال مطالبه المعقولة والممكنة.

إن التحديات كبيرة، لكن إرادة الساكنة في التغيير، مدعومة بتطلعاتها نحو إدارة نظيفة وشفافة، قد تُسهم في دفع عجلة التنمية في إقليم اشتوكة آيت باها نحو مستقبل أفضل. فهل سيتمكن العامل الجديد من رفع التحدي والاستجابة لانتظارات الساكنة؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.

 

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬020

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *