تفنيت: مشروع سياحي ضخم ينتظر الفرج بعد عام ونصف من الهدم، والأنظار تتجه نحو عامل الإقليم الجديد

بعد مضي سنة ونصف على عملية الهدم الواسعة التي طالت قرية الصيادين الشاطئية بتفنيت، لا تزال المنطقة تعيش على وقع الانتظار والجمود، بينما يترقّب الفاعلون المحليون والساكنة على حدّ سواء ما ستؤول إليه الأمور في ظل التغيّرات الجديدة، وأبرزها تعيين عامل جديد على إقليم اشتوكة آيت باها، يُعوّل عليه كثيرًا لفكّ عقد هذا الملف الحساس.

مشروع سياحي واعد… في الثلاجة
تفنيت، هذه القرية الساحلية الواقعة بجماعة سيدي بيبي، كانت حتى الأمس القريب مركز جذب سياحي متواضع، ينبض بالحياة والحركية الاقتصادية الموسمية. لكن مع نهاية 2023، وتحديدًا في شهر دجنبر، تم تنفيذ حملة هدم واسعة طالت أكثر من 276 منزلاً كانت تأوي الصيادين وأسرهم، وذلك في إطار تحضير المنطقة لمشروع استثماري سياحي ضخم يندرج ضمن الرؤية الجديدة لتنمية الشريط الساحلي للإقليم.

المشروع، الذي يحمل اسم “المنطقة السياحية الجديدة تفنيت”، يُنتظر أن يمتد على مساحة شاسعة تناهز 200 هكتار، ويتضمن مركبات سياحية وفنادق بطاقة استيعابية تفوق 2000 سرير، إلى جانب 250 وحدة سكنية موجهة للترويج السياحي، ومرافق ترفيهية وخدماتية متكاملة. ويُقدّر الغلاف المالي المخصّص له، والمموّل بالكامل من طرف مستثمرين خواص، بحوالي 3 مليارات درهم.

من وعود التنمية إلى واقع الجمود
رغم الزخم الذي رافق انطلاق المشروع نظريًا، فإن الواقع على الأرض يقول شيئًا آخر. فمنذ عملية الهدم، دخلت المنطقة في حالة من الشلل التام؛ لا أثر لأشغال البناء أو التأهيل، ولا مؤشرات على انطلاق وشيك للمشروع المنتظر. توقفت أنشطة الصيد التقليدي، وأُغلقت أبواب السياحة البحرية التي كانت تشكل متنفسًا اقتصاديًا لأبناء تفنيت.

الفراغ الذي خلفه الهدم لم يُملأ لا ببدائل اقتصادية مؤقتة، ولا بخطوات ملموسة نحو تنفيذ المشروع، ما جعل العديد من السكان يطرحون علامات استفهام حول الجهة المستفيدة من هذا التأخير، وحول ما إذا كانت التنمية الموعودة ستشملهم فعلًا، أم ستكون حكرًا على المستثمرين الكبار.

مخاوف محلية من التهميش
الساكنة التي كانت تُراهن على هذا المشروع لتغيير واقعها الاجتماعي والاقتصادي، باتت اليوم تخشى أن يُقصى أبناؤها من منافع هذا الورش السياحي. وتُعبّر أصوات من داخل المجتمع المحلي عن قلقها من أن تتحول تفنيت إلى منطقة سياحية “نموذجية” في الشكل، ولكن من دون أي أثر ملموس على فرص الشغل أو تحسين ظروف العيش لأبنائها، الذين دفعوا ثمن الهدم وغياب البدائل.

عامل جديد… وآمال جديدة
تتجه الأنظار اليوم نحو العامل الجديد لإقليم اشتوكة آيت باها، الذي جاء في سياق تتزايد فيه التحديات التنموية والاجتماعية. وينتظر منه الكثيرون أن يُعيد تحريك ملف تفنيت، ويضغط في اتجاه تسريع المساطر الإدارية، وضمان التوازن بين مصالح المستثمرين والحقوق الاقتصادية للساكنة المحلية.

فنجاح مشروع بحجم “المنطقة السياحية الجديدة تفنيت” لا يُقاس فقط بحجم الاستثمارات المالية، بل بمدى اندماجه في النسيج المجتمعي المحلي، ومدى مساهمته في تقليص البطالة، وإنعاش الاقتصاد القروي، وحفظ كرامة الساكنة المتضررة من الهدم.

هل يُنقذ العامل الجديد تفنيت من دوامة الانتظار؟
إن خروج تفنيت من وضعها الحالي يتطلب إرادة سياسية واضحة، ورؤية تنموية شاملة تضمن العدالة المجالية وتربط بين الاستثمار الاقتصادي والتنمية الاجتماعية. والمسؤولية اليوم مشتركة بين السلطات الإقليمية، والجماعة الترابية، والمستثمرين المعنيين، لإنهاء حالة الغموض، وفتح صفحة جديدة تُعيد للمنطقة بريقها، وتُعيد لأبنائها الثقة في جدوى المشاريع الكبرى.

فهل يُكتب لتفنيت أن تستعيد دورها كمجال حي وحاضن للتنمية، أم أنها ستبقى رهينة لمشروع على الورق ينتظر توقيع القرار الحاسم؟ الأيام القادمة وحدها كفيلة بالإجابة.

 

 

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 743

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *