في ظل موجة حر استثنائية تجتاح عدة مناطق بالمغرب، تجاوزت فيها درجات الحرارة عتبة 45 درجة مئوية، تتصاعد المخاوف بشكل مقلق في إقليم اشتوكة أيت باها من تنامي حالات لدغات العقارب والأفاعي، خصوصًا في القرى والمناطق الجبلية. هذا الوضع الطارئ، الذي يتزامن مع تحذيرات برتقالية من المصالح الجوية الوطنية، يعيد الجدل حول جاهزية المنظومة الصحية وفعالية الاستجابة للطوارئ في المناطق النائية.
تزايد الزواحف وتراجع التأهب:
لم تأتِ هذه المخاوف من فراغ. فبعد التساقطات المطرية التي عرفها شهرا مارس وأبريل الماضيان، تزايدت أعداد الزواحف، مما يرفع من احتمال وقوع حوادث خطيرة، خاصة في المناطق المعروفة بتسجيل نسب مرتفعة من التسمم العقربي. وقد دفع هذا الوضع فاعلين مدنيين إلى إطلاق نداءات عاجلة للرفع من درجة التأهب وتوفير الأمصال المضادة للسموم في المراكز الصحية المحلية، محذرين من أن غياب التدخل السريع قد يؤدي إلى عواقب وخيمة، غالبًا ما تكون مميتة.
تعليمات مركزية وتحديات ميدانية:
في استجابة لهذا التهديد المتصاعد، صدرت تعليمات مركزية إلى المصالح الصحية الجهوية تحث على الاستعداد لمواجهة موجات الحر، وتدعو إلى التنسيق الميداني مع الأجهزة المختصة في التسمم واليقظة الصحية. الهدف المعلن هو تقليص المخاطر الصحية المرتبطة بلدغات العقارب والأفاعي.
ومع ذلك، تكشف الحقائق الميدانية عن هشاشة مقلقة. فالتسجيل المتزايد لحالات الإصابة بلدغات سامة خلال الأيام الأخيرة، وبعضها في وضعية حرجة، أعاد إلى الواجهة ضعف التجهيزات الصحية في المناطق النائية، وغياب سيارات الإسعاف، ونقص الكوادر الطبية الكافية.
غياب الأمصال: خطر يهدد الأرواح:
ما يزيد من حدة الأزمة هو ما اعتبره متتبعون “غياب الأمصال أو انقطاعها المؤقت” كخطر داهِم على الأرواح. فالمسافات الطويلة التي تفصل القرى الجبلية عن أقرب مستشفى مؤهل تزيد من تعقيدات الوضع، حيث يصبح الوقت عاملاً حاسمًا في إنقاذ حياة المصابين.
دعوات لبرنامج وطني شامل:
في ظل هذا المشهد المقلق، يشدد عدد من المهتمين بالشأن المحلي على أن التعامل مع ظاهرة اللدغات لا يزال موسميًا في الغالب، ويغيب عنه البعد الاستراتيجي. لذا، يطالبون بإطلاق برنامج وطني دائم يربط بين الوقاية البيئية والتأهيل الصحي، ويضمن استجابة فعالة لحالات الطوارئ، بعيدًا عن “الحلول الترقيعية”.
هذه الأزمة الموسمية، التي تتفاقم بفعل التغيرات المناخية المتسارعة، تكشف عن هشاشة المنظومة الصحية في الوسط القروي. مما يستوجب، بحسب الفاعلين المدنيين، مراجعة شاملة لسياسات الصحة العمومية، وإعادة النظر في توزيع الموارد، بما يضمن الحق في العلاج والحماية لجميع المواطنين، أينما كانوا. فهل ستستجيب السلطات لهذه النداءات المتكررة قبل أن تتفاقم الأوضاع وتتحول المخاوف إلى كوارث؟