“30 سنة من التطوع بالمغرب”: ندوة لمركز تاوسنا تكرم روح الدكتور الكبير أحجو

ينظم مركز تاوسنا للدراسات والأبحاث بشراكة مع مؤسسة هانس زاديل وبتعاون مع مجلة نبض المجتمع ندوة في موضوع : “30 سنة من العمل التطوعى بالمغرب: تجارب ميدانية” مهداة إلى روح فقيد العمل التطوعي الدكتور الكبير أحجو.

ثلاثة عقود من تحدي الصعاب: من التهميش إلى الأمل

تعود جذور قصة التطوع في المغرب العميق إلى مطلع التسعينيات، حيث انطلقت تجربة فريدة جسدها شباب وأبناء القرى بروح نضالية صادقة. لم يكن العمل التطوعي حينها مجرد نشاط جانبي، بل “صرخة في وجه التهميش، ورسالة محبة وتضامن، ومحاولة لترميم جسور الأمل في قرى وبوادي كانت تفتقر إلى أبسط مقومات العيش الكريم”.

تلك القرى عانت من غياب الماء والكهرباء والطرق المعبدة، ونقص الخدمات الصحية والتعليمية التي كانت بعيدة كيلومترات عن السكن. هذا الواقع المرير ساهم في تفشي الهدر المدرسي في صفوف الذكور والإناث على حد سواء. لكن وسط هذا المشهد القاتم، بزغت “إرادة صلبة لصنع التغيير”.

همم تطوعية تصنع المستحيل

خلال السنوات الأولى، حمل المتطوعون على عاتقهم مهام جسيمة، تراوحت بين حفر الآبار لتوفير الماء الصالح للشرب، وشق الطرق وتعبيد المسالك الوعرة، وبناء الفصول الدراسية وتجهيزها، وصولاً إلى تقديم الدعم الصحي والتوعوي للسكان. ورغم غياب الموارد المالية الكبيرة والدعم الرسمي، إلا أن “عزيمتهم كانت أقوى من كل التحديات، وروح التعاون التي جمعتهم جعلت المستحيل ممكنا”.

لقد شكلت الجمعيات حينها نقطة انطلاق لكثير من الشباب الذين آمنوا بأن المغرب العميق يستحق الأفضل. وعلى مدى ثلاثين سنة، تواصلت هذه الدينامية، مساهمة في تغيير ملامح البادية المغربية. فبفضل هذه الجهود، التحق الأطفال واليافعون، وخاصة الفتيات، بأقسام الدراسة. ولم يتوقف الطموح عند تجاوز المستويات الابتدائية، بل تم العمل على توفير النقل المدرسي لتعميم التعليم والالتحاق بالجامعات.

إرث الدكتور الكبير أحجو: خدمة الوطن تبدأ بخدمة الإنسان

يعتبر هذا العمل نتاج التضامن والعمل التطوعي الذي كان وسيلة لإحداث التغيير في بوادي المغرب، على أيدي أبنائها الذين درسوا بالجامعات، وأعضاء الجماعات الذين اكتسبوا تجربة رائدة في تدبير شؤون القبيلة بواسطة العرف.

وفي هذا السياق، أكد بلاغ مركز تاوسنا أن “اليوم، ونحن نسترجع هذه التجربة الغنية، لا يمكننا إلا أن ننحني احترامًا لكل من ساهم، ولو بجهد بسيط، في بناء هذا الصرح التطوعي”. ويبرز البلاغ أن “وسط كل هذه الذكريات، يظل اسم الدكتور الكبير أحجو حاضرًا في القلوب، كأحد أعمدة هذا المسار، ورمزًا للالتزام والتفاني”. وقد وصفه البلاغ بأنه “الرجل الذي كان يرى في العمل التطوعي رسالة حياة، وعلم أجيالًا أن خدمة الوطن تبدأ من خدمة الإنسان البسيط”.

نحو انطلاقة جديدة: قراءة نقدية وتوصيات مستقبلية

تؤكد الجهات المنظمة أن “ثلاثين عامًا من العطاء ليست مجرد رقم، بل هي حكاية أمل كتبت بحبر المتطوعين، وستظل شاهدة على أن المغرب العميق، رغم الصعوبات، كان دائمًا أرضًا للمقاومة والتنمية بفضل أبنائه الأوفياء”.

ومن هنا، فإن هذه الندوة تشكل “وقفة تأمل” لـ”تثمين المكتسبات وتوثيق التجارب الفضلى وقراءة نقدية للمنجزات من أجل انطلاقة جديدة للعمل التطوعي بالمغرب”.

وتتوزع محاور الندوة التي تستمر حتى التاسع والعشرين من الشهر الجاري حول: الخلفيات النظرية والفلسفية للتطوع؛ تجارب ميدانية على الصعيد الوطني والجهوي والمحلي، مع قراءة نقدية لهذه التجارب؛ وأخيرًا، تقديم توصيات الندوة.

ويشارك في الندوة فاعلون مدنيون وباحثون في حقل التنمية، وهي مفتوحة في وجه الطلبة والباحثين والمهتمين، وذلك في مركز تاوسنا للدراسات والأبحاث بأيت ميمون بجماعة سيدي بيبي بإقليم اشتوكة أيت باها بجهة سوس ماسة.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬009

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *