تعيش دواوير آيت داود وآيت زكري، التابعة لجماعة آيت قمرة في إقليم الحسيمة، حالة من الاستياء والغضب المتزايدين بسبب الإخفاقات الخطيرة التي شابت أشغال تهيئة المقطع الطرقي الرابط بينها وبين الطريق الوطنية رقم 16. فحسب شهادات السكان الذين عايشوا الوضع على أرض الواقع، يعاني المشروع من مخالفات تقنية جسيمة تهدد بشكل مباشر سلامة مستعملي الطريق، الذي يعتبر شرياناً حيويا لتلك المناطق.
تتجه أصابع الاتهام نحو الشركة المنفذة للأشغال، والتي يشتبه في أنها استعانت بمواد بناء رديئة الجودة، رغم وجود تقارير تحليلية رسمية تؤكد عدم مطابقتها للمعايير الوطنية المعتمدة، هذا بالإضافة إلى غياب مراقبة تقنية وإدارية دقيقة، مما أدى إلى تفاقم المشكلات وظهور نقائص كبيرة في البنى التحتية الضرورية، مثل غياب الجدران الساندة المصنوعة من الخرسانة وقنوات تصريف مياه الأمطار الفعالة، وهي عناصر أساسية لضمان استدامة وأمان الطريق.
في ظل هذه الوضعية المقلقة، أبدى السكان المحليون مطالبهم العاجلة بفتح تحقيق مستقل ونزيه يسلط الضوء على أسباب هذه التجاوزات ويحاسب المسؤولين عنها، إلى جانب ضرورة تدخل وزارة التجهيز والماء بشكل فوري لتقييم مدى الالتزام بشروط دفتر التحملات الخاص بالمشروع، ووقف نزيف الخسائر التي قد تؤدي إلى فشل مشروع كان من المفترض أن يفتح آفاقاً جديدة لفك عزلة المنطقة وتحسين جودة حياة سكانها.
الأمر لا يقتصر على الجانب الفني فقط، بل يشمل كذلك جانب الشفافية والمسؤولية، حيث بات من الضروري أن تقوم الجهات المختصة بإصدار بيان رسمي واضح يوضح للرأي العام واقع المشروع، ويرد على مخاوف المواطنين التي تزداد يوما بعد يوم، ويعزز الثقة في قدرة الدولة على إدارة مواردها ومشاريعها بشكل محترف وشفاف.
في منطقة تعد فيها البنى التحتية ركيزة أساسية للتنمية، لا يجوز التسامح مع أي تقصير أو تراخي، ولا يمكن السماح بأن تتحول مشاريع حيوية إلى عبء إضافي بسبب سوء التسيير أو الممارسات غير المسؤولة.
إن سكان هذه المناطق يستحقون أن يجدوا أمامهم طرقاً آمنة ومشاريع مدروسة تنقلهم إلى آفاق أفضل، وتحترم حقوقهم في التنقل الكريم والآمن، وتعكس حقيقة الالتزام بالتنمية المستدامة التي تعزز الاستقرار والازدهار.