في وقت تشتد فيه درجات الحرارة بفصل الصيف، تعيش ساكنة تلغازيت بمركز جماعة بلفاع على وقع معاناة بيئية خانقة، سببها الروائح الكريهة المنبعثة من شبكة الصرف الصحي التي تفتقر إلى محطة للمعالجة، ما جعل الهواء ملوثًا لا يُطاق في أحياء المركز، وفاقم من قلق السكان على صحتهم وسلامة أطفالهم.
رغم استفادة عدد من أحياء بلفاع، من ضمنها تلغازيت، من مشروع ربط المنازل بشبكة الواد الحار، إلا أن هذا المشروع، الذي كان يفترض أن يكون خطوة نحو تحسين شروط العيش، تحوّل إلى مصدر لمعاناة يومية، بسبب غياب محطة معالجة للمياه العادمة، ما يعني أن المياه المستعملة تُصرف مباشرة داخل القنوات دون أي معالجة بيئية.
ويربط العديد من المتتبعين هذا الوضع المتأزم بالاحتجاجات التي شهدها دوار آيت بوهروة في وقت سابق، عندما تقرر تشييد محطة المعالجة هناك، حيث قوبل المشروع برفض شعبي واسع تُوج باعتصامات ميدانية، انتهت بتجميد المشروع دون إيجاد بديل. وهكذا، ظلّ الصرف الصحي في مركز بلفاع يعمل بطريقة غير مكتملة، ما جعل الروائح الكريهة تنبعث بشكل دائم، خصوصاً في الأحياء المنخفضة القريبة من مراكز تجمع المياه العادمة.
وتحذر الساكنة اليوم من انعكاسات هذا الوضع على البيئة والصحة العامة، حيث بات الأطفال والمرضى يعانون من صعوبات تنفسية، فضلاً عن تفشي الحشرات والناموس، في مشهد يثير القلق ويكشف حجم الفشل في تدبير ملف حيوي كهذا.
وفي تصريحات متفرقة، عبر عدد من المواطنين عن استيائهم من استمرار تجاهل معاناتهم، مؤكدين أن الوضع لا يُحتمل، مطالبين بتدخل عاجل من الجهات المسؤولة، وعلى رأسها المجلس الجماعي لبلفاع وسلطات إقليم اشتوكة آيت باها، لإيجاد حل جذري لهذا المشكل، إما عبر إحياء مشروع المحطة في موقع آخر يحظى بقبول الساكنة، أو عبر التعاقد مع محطات قائمة لمعالجة هذه المياه تفادياً لأي كارثة صحية وبيئية محتملة.
ويبقى السؤال المطروح بإلحاح: إلى متى سيستمر تشغيل شبكة الواد الحار ببلفاع دون محطة معالجة؟ ومن يتحمل مسؤولية تعريض آلاف السكان لهذا الخطر البيئي؟ وهل ستستفيق الجهات المعنية قبل أن تتحول الروائح الكريهة إلى ملوثات قاتلة تهدد الحياة في مركز بلفاع؟