مطرح نفايات عشوائي يخنق آيت باها… وصرخات الساكنة في مهب التجاهل

تعيش مدينة آيت باها، البوابة الجبلية لإقليم اشتوكة آيت باها، معاناةً بيئيةً خانقة تتفاقم سنة بعد أخرى، نتيجة وجود مطرح عشوائي للنفايات المنزلية والفلاحية في مدخل المدينة، تُجهل المعايير التي اختير على أساسها، وتُجهل أكثر مصداقية الجهات التي تُشرف عليه.

وتزداد الأوضاع سوءًا مع لجوء الجهة المشرفة على تدبير النفايات إلى إحراقها ليلاً، في مشهد يعكس استخفافًا صارخًا بصحة الإنسان وبمبادئ التنمية المستدامة، حيث تغزو الأدخنة السامة سماء المدينة وتزكم رائحتها الأنوف، لتحرم السكان من أبسط حقوقهم: تنفس هواء نقي.

هواء ملوث… وسكون رسمي
في ظل انعدام أي حماية بيئية للمطرح، تتصاعد الروائح الخانقة بشكل يومي نحو أحياء المدينة، وتزداد كثافتها بفعل الرياح، فيمتد ضررها إلى البيوت، المؤسسات، المدارس والمراكز الصحية، بل وتُصبح شوارع آيت باها بأكملها تحت رحمة الغازات السامة، دون تدخل يذكر من السلطات أو المنتخبين.

ويصف بعض السكان المطرح بـ”البركان الليلي”، بالنظر إلى نشاطه المتواصل، ليلًا ونهارًا، مُخلّفًا تأثيرات صحية خطيرة، خاصة على الأطفال والمصابين بالحساسية والأمراض التنفسية.

ضرر بيئي متفاقم
لا تقتصر الأضرار على الهواء فقط، بل تتعداها إلى تلويث التربة والمياه الجوفية، بفعل تسرب عصارات النفايات السامة من سطح المطرح إلى باطن الأرض، في غياب أي حاجز وقائي. وتُضاف إلى هذا التهديد المخاطر التي تمثلها الحيوانات الضالة التي تستوطن المكان، وما تسببه من إزعاج للسكان القريبين من الموقع.

كما أن استمرار عملية الحرق العشوائي يُنتج مركبات كيميائية خطيرة مثل الديوكسين والمعادن الثقيلة، وهي عناصر تُصنف من بين الأخطر على صحة الإنسان وعلى التوازن البيئي.

مشروع المطرح الإقليمي… في الانتظار الأبدي
رغم إطلاق مشروع لإحداث مطرح إقليمي بمعايير بيئية حديثة لتدبير نفايات عدد من الجماعات المجاورة، لا يزال المشروع في حالة “تعليق إداري”، دون توضيح رسمي لمآله، مما يزيد من تعميق جراح الساكنة التي تنتظر الخلاص من هذا الكابوس البيئي.

ويستمر هذا التأخر في ظل صعوبات تتعلق بتحديد الوعاء العقاري البديل، وصراع الصلاحيات بين الجهات المختلفة، بينما تبقى الساكنة رهينة للروائح والدخان، والتبريرات المتكررة.

مدينة تختنق… وسياحة تُجهض
تحوّلت آيت باها من مدينة هادئة ذات مؤهلات طبيعية وسياحية واعدة إلى نقطة سوداء بيئيا، بسبب المشهد القاتم الذي يقدمه مطرح النفايات في مدخلها. ويفيد عدد من المهنيين في قطاع السياحة أن الروائح المنتشرة تؤثر سلبا على الزوار وتجعل من الإقامة بالمدينة تجربة غير مريحة، في تناقض صارخ مع الجهود المبذولة في الترويج للمناطق الجبلية سياحيا.

البيئة في مهب الريح
أمام هذا الوضع، تُطالب الفعاليات المحلية والبيئية بضرورة تفعيل القوانين المؤطرة لتدبير النفايات والحد من تلوث الهواء والتربة، وفق مضامين القانون رقم 00-28، كما تشدد على ضرورة احترام التزامات المغرب البيئية، خاصة ما يتعلق باتفاقية المناخ وخفض انبعاث الغازات السامة.

نداء إلى السيد العامل الجديد
وإذ تتعلق آمال ساكنة آيت باها بتدخل حاسم ينهي هذا الوضع البيئي المقلق، فإنها تتوجه بنداء صادق إلى السيد العامل الجديد لإقليم اشتوكة آيت باها، من أجل إدراج ملف المطرح العشوائي ضمن أولويات عمله، وتفعيل ما يلزم من سلطات وتنسيق مؤسساتي لإيجاد حل جذري ومستدام.

إن مدينة آيت باها تستحق بيئة سليمة، وساكنتها تستحق تنفس هواء نقي، والتنمية المحلية لا يمكن أن تنطلق في ظل الدخان والروائح والأضرار الصحية.

 

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬346

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *