زيارة عامل إقليم اشتوكة آيت باها إلى جماعة إنشادن: بين انتظارات الساكنة وحضور الولاءات القبلية

في مشهد لم يخلُ من الغرابة، وخلال زيارة ميدانية ترأسها  عامل إقليم اشتوكة آيت باها إلى جماعة إنشادن، خرج بعض المنتخبين عن السياق المؤسساتي والانتظارات التنموية، ليدخلوا في منطق المجاملة القبلية والاستعراض الهوياتي، في لحظة كان المنتظر فيها التركيز على قضايا المواطن ومشاكل التنمية الترابية.

حين تتحول جلسة العمل إلى استعراض للانتماءات
اللقاء الذي خُصّص لتشخيص واقع جماعة إنشادن، والوقوف على حاجياتها في مختلف القطاعات (البنية التحتية، الماء، التطهير، التجهيزات، وغيرها)، تحوّل – لدى بعض المتدخلين – إلى مناسبة لإظهار “الانتماء المشترك” مع السيد العامل، من خلال الإشارة إلى الأصول الصحراوية والتحدث باللهجة الحسانية أمامه.

ورغم أن التنوع الثقافي واللغوي بالمغرب هو مصدر غنى واعتزاز، فإن محاولة توظيفه في غير محله، لتحصيل “عطف” أو استمالة “تقدير خاص” من ممثل السلطة، يُفرغ العمل السياسي من معناه الحقيقي، ويكرس منطق الزبونية والولاءات الشخصية، بدل منطق الكفاءة والفعالية في تمثيل المواطنين.

هل جاء العامل ليستمع لمشاكل الجماعة… أم لتوزيع الامتيازات؟
من المشروع أن نتساءل:
هل جاء السيد العامل ليستمع إلى مشاكل ساكنة إنشادن، ويُتابع تنفيذ المشاريع، ويضع يده على العراقيل التنموية؟ أم جاء لتلقي رسائل الانتماء القبلي؟

المؤسسة العاملية ليست منصة لعقد التحالفات الهوياتية، بل هي امتداد للدولة في بعدها المؤسساتي والتنموي، ومهمة العامل هي ضمان تنزيل البرامج الوطنية على المستوى الترابي، بروح من الحياد والمسؤولية والالتزام بخدمة الصالح العام.

فاقد الشيء لا يعطيه… غياب رؤية سياسية لدى بعض المنتخبين
سلوك بعض المنتخبين يطرح إشكالات عميقة حول مدى استعدادهم لتحمل مسؤولية التسيير المحلي، إذ عوض تقديم تشخيص دقيق لحاجيات الساكنة، واقتراح حلول واقعية لمشاكل الماء، التطهير، البنيات التعليمية والصحية، وغيرها، اختاروا الهروب إلى الخطاب العاطفي والتقرب المجاني، في مشهد لا يُشرف من يفترض فيهم الدفاع عن مصالح المواطنين.

والأدهى، أن من يتهافتون على نيل “الرضا السياسي” عبر ورقة الأصول أو اللهجة، غالباً ما يكونون أول من يعجز عن تقديم أي قيمة مضافة في التسيير أو التشريع المحلي. فكما يُقال: فاقد الشيء لا يعطيه.

عامل الإقليم… مسؤول تقني لا تهمه الانتماءات
كل المؤشرات تفيد بأن السيد عامل إقليم اشتوكة آيت باها، القادم من تجربة إدارية وميدانية طويلة، يضع مصلحة المواطن فوق كل اعتبار، بعيداً عن منطق القبيلة أو الحزب أو المنطقة. وهو ما تؤكده زياراته الميدانية المتتالية، وجلساته التشخيصية مع مختلف الجماعات، التي يطبعها التركيز على القضايا الواقعية والحلول القابلة للتنفيذ.

وبالتالي، فإن محاولات الالتفاف على هذه المقاربة الجادة، من خلال التملق أو اللعب على وتر الهوية، لن تغير شيئاً في التوجه العام الذي رسمه العامل الجديد، وهو الإنصات للمواطن، والعمل من أجل المواطن، ولا شيء غير المواطن.

 السياسة ليست مزايدة… بل خدمة
الزيارة التي قام بها السيد العامل إلى جماعة إنشادن، كان يفترض أن تشكل لحظة للترافع المسؤول حول قضايا التنمية، لا مناسبة للتقرب والتملق.

والرسالة التي يجب أن تصل إلى كل من يتحمل مسؤولية انتخابية أو ترابية، أن المواطن اليوم لم يعد ينظر إلى الانتماء أو اللهجة، بل إلى من يخدم مصالحه، ويوفر له الماء، والمسكن، والمدرسة، والمستشفى، والطريق.

أما الولاءات، فلها مجالاتها، ولا مكان لها في قاعات الاجتماعات المخصصة لمستقبل الجماعة وأبنائها.

 

 

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬340

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *