اشتوكة ايت باها: روائح مبيدات فلاحية تنذر بكارثة صحية وبيئية بايت عميرة

تحت جنح الظلام، وبين هدوء الليل وسكونه، يستفيق سكان دواوير أبودرار والشوك والعديد من القرى المجاورة بجماعة أيت عميرة بإقليم اشتوكة أيت باها على روائح نفاذة وغريبة، تخترق مساكنهم وتعبث بصحة أبدانهم. هذه الروائح الكريهة، التي يُرجح أنها ناجمة عن الاستخدام المكثف لمبيدات فلاحية قوية في بعض الضيعات القريبة، تحولت إلى كابوس يؤرق حياة الأهالي ويهدد سلامتهم، خاصة الأطفال منهم والمصابين بأمراض الجهاز التنفسي المزمنة.

إن الشكاوى المتزايدة للسكان تعكس حجم المعاناة التي يتجرعونها ليلًا، حيث تتحول منازلهم إلى ساحات لاستنشاق سموم غير مرئية. فالروائح تزكم الأنوف وتُحدث مضاعفات صحية مقلقة، بدءًا بالتهيج والسعال، وصولًا إلى تفاقم أعراض الربو وضيق التنفس، مما يستدعي تدخلًا طبيًا في كثير من الأحيان. وفي ظل هذا الوضع المتردي، يجد السكان أنفسهم متروكين لمصيرهم، في ظل غياب أي تحرك جاد من الجهات المعنية لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة.

وما يزيد من حدة القلق والاستياء لدى الساكنة، ما تتناقله مصادر محلية حول احتمال استخدام بعض الضيعات لمبيدات فلاحية محظورة دوليًا. وإذا صحت هذه المعلومات، فإن الأمر لا يتعلق بمجرد روائح كريهة، بل بكارثة بيئية وصحية حقيقية، تهدد بتسميم التربة والمياه الجوفية، وتعريض حياة المواطنين لخطر الأمراض المزمنة والتأثيرات السامة بعيدة المدى.

إن هذا الوضع يستدعي تحركًا فوريًا وحازمًا من السلطات المختصة، وعلى رأسها المكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (ONSSA) ومصالح وزارة الفلاحة. فمن غير المقبول السكوت على هذه الممارسات التي تهدد صحة وسلامة المواطنين وتقوض حقهم في بيئة سليمة.

يُطالب سكان الدواوير المتضررة بفتح تحقيق عاجل وشفاف حول طبيعة هذه المواد الكيميائية المستخدمة في الضيعات الفلاحية المجاورة. كما يشددون على ضرورة تفعيل آليات المراقبة الصارمة على هذه الضيعات، للتأكد من التزامها بالقوانين والمعايير البيئية والصحية، ومعاقبة كل من يثبت تورطه في استخدام مبيدات خطيرة ومخالفة للقانون، بشكل يضمن عدم تكرار مثل هذه التجاوزات مستقبلاً.

إن حماية صحة المواطنين وسلامتهم البيئية مسؤولية جسيمة تقع على عاتق الجهات المعنية. ولا يمكن تحقيق التنمية المستدامة والرخاء الحقيقي في أي منطقة، ما لم يتم ضمان بيئة سليمة وصحية للساكنة. لذا، يناشد المتضررون كافة الجهات المعنية، من سلطات محلية وإقليمية ووزارية، إلى إيجاد حلول مستدامة تضمن لهم الحق في استنشاق هواء نقي والعيش في بيئة صحية وآمنة، وصون كرامتهم التي تئن تحت وطأة التلوث الفلاحي غير المراقب.

 

الأخبار ذات الصلة

1 من 1٬317

اترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *