بينما تراهن الدولة على تعزيز الإدماج السوسيو-اقتصادي للنساء وتعميم التعليم الأولي، تصطدم هذه الرهانات في إقليم اشتوكة آيت باها، وتحديداً بجماعة آيت ميلك وجوارها، بواقع “الجمود”. عشرات النوادي النسوية ومراكز التعليم الأولي، التي موّلتها المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، تقف اليوم كـ”أطلال إسمنتية” مغلقة، رغم جاهزيتها وتجهيزها بأحدث المعدات.
مفارقة “التجهيز والإغلاق” رغم رصد ميزانيات ضخمة لتشييد هذه المرافق وتزويدها بمطابخ عصرية، وآلات خياطة متطورة، وفضاءات بيداغوجية للأطفال، إلا أنها ظلت خارج الخدمة لسنوات. هذا الوضع يضع علامات استفهام كبرى حول نجاعة تدبير الشراكات بين الجماعات الترابية والجمعيات الموكول إليها التسيير، ومدى تفعيل آليات المراقبة والافتتاح.
آيت ميلك.. النموذج “المعطل” في جماعة آيت ميلك، تبدو الصورة أكثر قتامة؛ مراكز جاهزة ومسَلَّمة لجمعيات محلية، لكن أبوابها موصدة. وبدلاً من أن تعج هذه الفضاءات بالحياة عبر ورشات الخياطة، وفنون الطبخ، ودروس محو الأمية، ودعم الطفولة، تحولت إلى بنايات خاوية على عروشها، مما حرم نساء المنطقة وأطفالها من فرص حقيقية للارتقاء الاجتماعي وتحسين الدخل.
مصير مجهول للتجهيزات مع استمرار الإغلاق، تتجه الأنظار صوب التجهيزات الباهظة الثمن (آلات صناعية، لوازم مطابخ، أثاث مدرسي…) التي تم اقتناؤها من المال العام. وتتناسل الأسئلة المقلقة:
هل لا تزال هذه المعدات موجودة وصالحة للاستعمال؟
هل تتعرض للتلف أو التآكل نتيجة الإهمال؟
من المسؤول عن حمايتها وصيانتها في ظل غياب الأنشطة؟
نداء لربط المسؤولية بالمحاسبة يعتبر الفاعلون المحليون أن استمرار هذا الوضع هو “هدر صريح للزمن التنموي وللمال العام”، ويناقض فلسفة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. وعليه، تتعالى الأصوات مطالبة السلطات الإقليمية بعمالة اشتوكة آيت باها بالتدخل العاجل لـ:
الافتحاص: فتح تحقيق حول أسباب تعثر هذه المشاريع ومصير تجهيزاتها.
التفعيل: سحب التسيير من الجمعيات “الخاملة” وإسناده لجهات قادرة على التشغيل الفوري.
الاستدامة: وضع دفتر تحملات صارم يضمن استمرارية الخدمات المقدمة للنساء والأطفال.
إن تمكين نساء العالم القروي ليس مجرد شعار، بل هو ضرورة ملحة لا تحتمل التأجيل أو التهاون الإداري. وإعادة فتح هذه المراكز هو الخطوة الأولى لتصحيح المسار وتنزيل الرؤية الملكية للتنمية البشرية على أرض الواقع.














