في خطوة تعكس توجهًا تنمويًا متصاعدًا بإقليم اشتوكة آيت باها، عقد المجلس الإقليمي زوال اليوم الأربعاء 12 نونبر 2025، دورة استثنائية خُصصت للمصادقة على عدد من الاتفاقيات والمشاريع الحيوية، في مقدمتها الميزانية التعديلية لسنة 2025 ومشروع ميزانية سنة 2026، إلى جانب اتفاقيات شراكة تهم البنية التحتية والخدمات الاجتماعية.
وقد كشفت مداولات الدورة عن رؤية مالية واضحة في برمجة الفائض، لكنها في المقابل سلطت الضوء على خلافات داخلية وتوترات سياسية تعكس عمق التباين داخل المجلس.
أولويات واضحة في برمجة الفائض: الماء وتصفية الماضي
في تصريح للجريدة، أكد رئيس المجلس الإقليمي أن الميزانية التعديلية لسنة 2025 ومشروع ميزانية 2026 تمت المصادقة عليهما بالإجماع، موضحًا أن الفائض المالي تم توجيهه نحو ملفات ذات أولوية تنموية ملحّة:
الماء الصالح للشرب: رصد مليون درهم لدعم مشاريع التزويد بالماء بعدد من الجماعات القروية التي تعاني خصاصًا حادًا.
الالتزامات والشراكات: تخصيص 1.5 مليون درهم للوفاء بالالتزامات الإقليمية في إطار اتفاقيات شراكة مع وكالة تنمية الواحات وشجر الأركان.
تسديد الديون القديمة: توجيه جزء من الفائض لتصفية ديون سابقة مرتبطة بـ صندوق التجهيز الجماعي، في مسعى لتسوية الوضعية المالية للمجلس.
الدعم الاجتماعي: تميزت الدورة برفع الدعم الموجه للجمعيات المسيرة للنقل المدرسي والمؤسسات الاجتماعية، دعمًا للخدمات العمومية والاجتماعية.
كما تمت المصادقة على مجموعة من اتفاقيات فك العزلة عن المناطق القروية، أبرزها:
إصلاح المسلك القروي المؤدي إلى دوار تلفيط بجماعة سيدي عبد الله البوشواري بتكلفة إجمالية تبلغ 600 ألف درهم بتمويل مشترك.
إنجاز المسلك الطرقي الرابط بين الطريق الإقليمية 1012 ودوار أيت رحو مرورًا بدوار أيت بوعين بجماعة إمي مقورن، ضمن استراتيجية تحسين الربط الطرقي.
المعارضة تنتقد “التدليس” وتغليب المصالح
في مداخلة قوية، عبّر عضو المعارضة لحسن تكزيرت عن تحفظات وانتقادات حادة تجاه بعض بنود الميزانية، واصفًا إياها بأنها لا تعكس أولويات الإقليم ولا تستجيب لانتظارات الساكنة.
وقال تكزيرت:
“المبلغ المخصص لسيارات المجلس (250 ألف درهم) مبالغ فيه إلى حد يثير التساؤل، في وقت يحتاج فيه الإقليم لكل درهم لتأهيل البنيات والخدمات.”
وأضاف أن 450 ألف درهم المخصصة للتأمين تمثل “ازدواجية مالية غير مقبولة”، باعتبار أن جمعيات النقل المدرسي المستفيدة من هذا التأمين تتلقى أصلًا منحًا من المجلس، واصفًا ذلك بـ“التدليس الإداري والمالي”.
كما ندد بما وصفه بـ إقصاء المعارضة من هياكل المجلس، وغياب التوازن في التمثيلية، مشددًا على أن “العدل في التدبير والإنصاف في التسيير هما أساس الحكامة الجيدة”، مستشهدًا بقول جلالة الملك محمد السادس:
“اتقوا الله في وطنكم، فالوطن بموارده ومواطنيه يستحق الاحترام.”
ورغم هذه التحفظات، أكد تكزيرت أن المعارضة صوتت لصالح الميزانية، “تغليبًا للمصلحة العامة ودعمًا لتوجيه الفائض نحو مشاريع الماء والنقل المدرسي”.
غياب النائبة الأولى يثير تساؤلات حول الانسجام الداخلي
سجلت الدورة غياب النائبة الأولى لرئيس المجلس، في واقعة أثارت تساؤلات داخل القاعة، حيث اعتبر بعض الأعضاء أن الغياب احتجاج غير معلن على توقيف التعويضات التي كانت تتلقاها، في ظل غيابها المتكرر عن الدورات السابقة.
هذا المستجد أعاد إلى الواجهة ملف الانسجام الداخلي داخل المكتب المسير، وطرح علامات استفهام حول مدى التزام جميع أعضائه بمسؤولياتهم تجاه المؤسسة الإقليمية.
بين الطموح التنموي والتوتر السياسي
الدورة حملت رسائل مزدوجة: من جهة، عزم المجلس على ترشيد الموارد وتوجيهها نحو القطاعات الحيوية كالماء، النقل، والبنيات الأساسية؛ ومن جهة أخرى، استمرار التوتر السياسي بين مكونات المجلس، ما يعكس تحديًا حقيقيًا أمام تحقيق الحكامة المالية والتدبير التشاركي.
ويبقى السؤال المطروح: هل ينجح المجلس في تجاوز خلافاته الداخلية للحفاظ على نسق التنمية الذي بدأ يتبلور بالإقليم؟
ملف دورة 12 نونبر 2025-1














