يثير تنصل جماعة بلفاع من مسؤوليتها تجاه طريق تم تعبيدها بطريقة مغشوشة، تساؤلات حقيقية حول مفهوم المسؤولية المحلية ودور المنتخبين في حماية المرفق العام. فمن غير المعقول أن تُطرح علامات استفهام كبرى حول جودة أشغال داخل تراب الجماعة، بينما يهرع بعض المسؤولين المحليين إلى القول إن “الجماعة غير معنية” وكأن الأمر يحدث في أرض بلا سلطة ولا تمثيل.
القانون التنظيمي رقم 113.14 واضح وصريح في هذا الباب، إذ تنص المادتان 87 و88 منه على أن تهيئة وصيانة الطرق والمسالك الجماعية تدخل ضمن الاختصاصات المشتركة بين الدولة والجماعة ومؤسساتها. والاختصاص المشترك لا يعني رفع اليد عن المسؤولية، بل يفرض تشارُكاً فعلياً في التتبع والمراقبة والتدخل من كل طرف في حدود صلاحياته، خدمةً للصالح العام وضماناً لحسن تنفيذ المشاريع.
لكن الغريب أن بعض المنتخبين، كلما طُرحت قضية تتعلق بسوء الأشغال أو الغش في مشروع طرقي، يسارعون إلى التبرؤ قائلين إن “المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي” أو جهة أخرى هي صاحبة المشروع، وكأن الجماعة مجرد متفرج لا علاقة له بما يجري داخل حدوده الترابية.
فإذا لم تكن الجماعة مسؤولة، فمن يكون المسؤول إذن؟
وهل وُجدت مؤسسة الجماعة الترابية لتبرئ نفسها من الاختلالات أم لتتحمل مسؤولياتها في الدفاع عن مصالح الساكنة التي انتخبتها؟
إن فلسفة اللامركزية واللاتركيز الإداري لم توضع لتبرير الغياب أو الهروب من المحاسبة، بل لتمكين المواطن من سلطة القرار القريب منه، وتقريب الإدارة من المجال المحلي. ومن ثم، فإن أي مشروع يُنجز داخل تراب جماعة معينة، يجعلها بحكم القانون والواقع الجهة الأولى المخوّل لها تتبعه ومواكبته والتدخل عند رصد أي خلل أو تجاوز.
أما أن تتنصل الجماعة من هذا الدور، فذلك يُفرغ مبدأ التدبير الحر من معناه، ويحوّل اللامركزية إلى لا مسؤولية، ويترك المواطنين وحدهم يواجهون نتائج الغش والإهمال.
فالمسؤول المحلي الحقيقي هو الذي يواجه الأسئلة بشجاعة، لا الذي يختبئ خلف المؤسسات الأخرى. وهو الذي يدافع عن مصلحة جماعته، لا عن موقعه أو ولائه.
الطريق المغشوش ليس مجرد خلل تقني، بل هو صورة عن غياب الضمير الجماعي والمسؤولية الترابية.
وحين تصمت الجماعة، فإنها لا تتبرأ من الخطأ… بل تُدان بصمتها.
من المسؤول عن الطرق المغشوشة في بلفاع؟ حين تتنصل الجماعة من واجبها وتفقد معناها














