كارثة الإهمال تُجهز على مشروع “البنك الدولي” للفلاحة التضامنية في شتوكة آيت باها: 2 مليون درهم تُهدر على وحدة استخلاص زيت الزيتون.. والوعود بـ 800 منصب شغل تتبخر!

تحولت وحدة كانت مرشحة لأن تكون قاطرة للتنمية المحلية، إلى شاهد على الإهمال الصارخ وهدر الملايين من الأموال المخصصة لمشاريع الفلاحة التضامنية. ففي إطار الدعامة الثانية من مخطط المغرب الأخضر، وبتمويل من البنك الدولي، كان من المفترض أن تساهم هذه الوحدة الخاصة باستخلاص زيت الزيتون وتجميع وتدوير مخلفات عصره، في خلق دينامية اقتصادية واجتماعية تستفيد منها ساكنة إقليم شتوكة آيت باها.

من التمويل السخي إلى واقع التدهور المريع
وُضع حجر الأساس لهذا المشروع الطموح في شهر نونبر من عام 2016، وخُصص له غلاف مالي ضخم بلغ 2 مليون درهم. المشروع، الذي يمتد على مساحة 500 متر مربع، كان يهدف إلى تثمين المنتوج المحلي من الزيتون، والأهم من ذلك، كان سيضمن توفير فرص شغل واعدة لما لا يقل عن 800 فلاح وفلاحة من أبناء المنطقة.

ولكن، يبدو أن يد الإهمال كانت أسرع من يد التنمية. فبعد الانتهاء من بناء الهيكل وتخصيص المبلغ المالي كاملاً، توقفت عجلة المشروع بشكل كلي، ليتحول الصرح المنجز إلى مجرد بناء مهجور ومتروك عرضة للتدهور، في مشهد لا يمكن وصفه إلا بـ “الفيل الأبيض” الذي أثقل كاهل الميزانية دون أن يقدم أي منفعة للمستفيدين المنتظرين.

 تشققات خطيرة وأنقاض متساقطة: صورة للفساد التنموي
الصور الملتقطة من عين المكان تنقل بوضوح الكارثة البنائية التي حلّت بالوحدة. تظهر الجدران الخارجية بتشققات وتصدعات خطيرة تمتد بشكل عمودي، مما ينذر بمخاطر هيكلية جسيمة ويشير إلى سوء إنجاز أو إهمال لمرحلة التشطيب والصيانة . وفي الداخل، تنتشر قطع الجبس والأنقاض المتساقطة على الأرض , مؤكدة على أن التدهور قد وصل إلى الأجزاء الداخلية من المبنى، ليصبح بذلك غير صالح للاستغلال قبل أن يشرع في عمله أصلاً.

إن هذا المشهد لا يمثل مجرد عيب في البناء أو تأخر في التدشين، بل هو تجسيد صارخ لإهدار المال العام المخصص لبرامج التضامن الاجتماعي والفلاحي. فكيف يمكن تفسير صرف مبلغ 2 مليون درهم على وحدة مصممة لدعم الفلاح الصغير، لتجد نفسها في غياهب الإهمال بعد سنوات قليلة من وضع حجر أساسها؟

 دعوة للتحقيق: من يتحمل مسؤولية تدمير الأمل؟
إن الجهات الممولة، وفي مقدمتها البنك الدولي ووزارة الفلاحة المسؤولة عن تفعيل مخطط المغرب الأخضر، مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى لفتح تحقيق عاجل وشفاف في ملابسات هذا الفشل الذريع. يجب تحديد مسؤولية كل من تسبب في إيقاف المشروع وتحويله إلى حالة كارثية تهدد بنيته، ومحاسبة كل متقاعس أو مهمل ساهم في حرمان 800 فلاح من مورد رزق كان يمكن أن يحسن ظروفهم المعيشية ويعزز تثمين المنتوج المحلي للزيتون في الإقليم.

إن صيانة الثقة في برامج التنمية تقتضي التدخل الفوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من هذه الوحدة، وإعادة الحياة إلى هذا المشروع الحيوي الذي يمثل أملاً ضائعاً للفلاحة التضامنية في منطقة شتوكة آيت باها.

الأخبار ذات الصلة

1 من 48