يحكى أن إقليماً عاش سنوات طويلة في نوم عميق، يتقلب بين أحلام مؤجلة وكوابيس متكررة. كانت هناك حكايات عن أبواب تفتح فقط لمن يعرف الطريق، وعن مقاعد لا يجلس عليها إلا من أتقن لعبة الصمت والانتظار.
وفي يوم ما، دخل رجل جديد إلى الدار. لم يكن يشبه من سبقوه، فقد جاء بوجه غير مألوف، وبخطى ثابتة لا تخشى وعورة الطريق. بدا وكأنه يريد أن يعيد ترتيب الغرف، أن يفتح النوافذ ليدخل الضوء، وأن يطرد الغبار الذي تراكم عبر السنين.
لكن، كما في كل الحكايات، لم يُعجب هذا النور الجميع. فبين الزوايا المظلمة، بقيت همسات تحنّ إلى زمن مضى. بعضهم ظل يطرق أبواباً خلفية ليرسل رسائل إلى من غادر، يخبره بما يقع بين الجدران، كأن الماضي ما زال سيد الموقف. وكلما حاول أحد أن يرفع الستار عن بعض القصص القديمة، خرجت أيادٍ خفية لتقلب الرواية، وتعيد ترتيب الكلمات لصالح من لا يريدون أن تُروى الحقيقة.
أما الحراس القدامى للبوابة، فقد انقسموا بين من فهم لغة الرجل الجديد وسار معه، وبين من اكتفى بابتسامة عابرة وتنفيذ ناقص، يختبر صبره ويقيس مدى قدرته على الاستمرار.
ورغم كل ذلك، ظل الأمل قائماً. فالإقليم الذي نام طويلاً بدأ يتعلم كيف يستيقظ، وإن كان الاستيقاظ بطيئاً وثقيلاً. وبين من يريد بزوغ فجر جديد، ومن يتشبثون بظلام الأمس، تستمر الحكاية… والرسالة واضحة: من أراد العمل بضمير، الطريق مفتوح، ومن أراد المزايدات والتقليد القديم، ستكشف له الأيام أنه لم يعد بالإمكان إخفاء الحقيقة.
نود أن نطمئن الساكنة: نحن لا نحبط الأمل، بل نؤكد أن التغيير قادم لا محالة، وأن جهود من يسعى لإعادة الإقليم إلى المسار الصحيح ستثمر قريباً، ليشهد الجميع فصلاً جديداً من العمل والإنجاز. والإنجاز.
أي تشابه في الأحداث، فهو من محض الصدفة.
A.Bout