في مشهد سياسي متوتر، أصدرت المحكمة الإدارية بأكادير حكمًا يقضي بتجريد لحسن أقديم من عضويته في مجلس جماعة أيت عميرة والمجلس الإقليمي لاشتوكة أيت باها. جاء هذا القرار بعد دعوى قضائية رفعها ضده حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي ترشح باسمه خلال الاستحقاقات الأخيرة. هذا الحكم يضع حزب الأحرار في صدارة الأحزاب التي تلجأ إلى مسطرة التجريد، محطمًا الأرقام القياسية في هذا المجال.
بين النص القانوني ومصالح شخصية
يعتمد الحزب في دعاويه على القانون التنظيمي للأحزاب السياسية والمادة 51 من القانون التنظيمي للجماعات. لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: هل كل تصويت مخالف لتوجه الحزب يُعد تخليًا؟ وهل يحق للمنتخب المحلي أن يُعبّر عن موقفه في قضايا تهم الساكنة دون أن يُتهم بالانفصال السياسي؟ أم أن هناك أيادي خفية تحرّك هذه الدعاوى لتصفية حسابات شخصية؟
يشير بعض المنتسبين إلى الحزب بإقليم اشتوكة أيت باها، بتصريحات قوية، إلى أن قيادة الحزب لا تعلم بما يدور في الإقليم. ويؤكدون أن الحزب ليس في أيادٍ أمينة، بل يسيطر عليه بعض الأشخاص الذين يرسلون تقارير مغلوطة إلى القيادة، ويُغيّبون الحقائق بهدف خدمة مصالحهم الخاصة. هذا الواقع، حسب تعبيرهم، يضع المنتخب المحلي في مواجهة مباشرة مع قياداته، مما يجعله تحت تهديد مستمر بالتجريد.
قراءة نقدية: الانضباط الحزبي أم الهيمنة؟
ما يثير القلق في هذا التوجه هو تحول الانتماء الحزبي إلى قيد صارم يمنع المنتخب من ممارسة صلاحياته التمثيلية بحرية. كما يغلب الولاء الحزبي على المصلحة المحلية، خاصةً في جماعات تعاني من اختلالات في التسيير وتحتاج إلى قرارات جريئة. الأدهى من ذلك هو أن هذه الممارسات تحوّل القضاء إلى أداة لتصفية الخلافات الداخلية بدلًا من اللجوء إلى الحوار السياسي.
ناقوس الخطر يدق في اشتوكة أيت باها
يُطلق المنتسبون للحزب في إقليم اشتوكة أيت باها صيحة تحذيرية، حيث يؤكدون أن استمرار هذا الحال سيدفع أغلبية المنتخبين إلى مغادرة سفينة الأحرار. وإذا حدث ذلك، فسيكون ضربة قوية للحزب في الإقليم، وقد يؤدي إلى إضعافه وتراجعه في الاستحقاقات القادمة.
إذا استمر هذا النهج، فإننا أمام خطر تفريغ المجالس المنتخبة من روح التعددية والتمثيلية، وإضعاف الثقة في الأحزاب السياسية، التي تتحول من فضاء للتأطير إلى آلية للرقابة الصارمة. لذا، فإن الحاجة ملحة إلى إعادة النظر في تأويل مواد التجريد، بما يضمن التوازن بين الانضباط الحزبي والحرية التمثيلية، وفتح نقاش وطني حول حدود الانتماء السياسي في العمل الجماعي.