في هذا الاحتفال بعيد العمال، و حيث يواجه المغرب تحديا كبيرا مع ارتفاع البطالة، مشروع استراتيجي طموح يلوح في الأفق، يجلب الأمل الحقيقي. مع إعلان المملكة عن نيتها بناء حوض سفن ضخم للبناء والإصلاح في الدار البيضاء، يمثل استثمارا بقيمة 330 مليون دولار على 231 هكتار، لا يتعلق الأمر فقط بتطوير البنية التحتية البحرية ولكن بفتح آفاق واعدة للمستقبل. خلق مناصب عمل مستدامة للشباب المغربي وترسيخ مكانة المملكة كرائدة إقليمية في صناعة بحرية ذات قيمة مضافة عالية.
المغرب: مفترق طرق استراتيجي ومنصة تجارية نحو عمق إفريقيا:
المغرب سيستفيد من مكانته الفريدة التي تربط البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي، مما سيمنحه ميزة تنافسية في حركة التجارة العالمية. مع شريط ساحلي يمتد على أكثر من 3000 كيلومتر وشبكة موانئ حديثة بقيادة طنجة ميد وميناء الداخلة الأطلسي المستقبل، سيكون للمغرب قاعدة قوية لدعم مشروع الدار البيضاء الطموح، الذي سيهدف أيضا إلى فتح ممرات تجارية واعدة أمام جيب الدول الإفريقية.
استلهام من الخبرات العالمية والاقليمية في بناء السفن:
لتحقيق هذا الهدف الاستراتيجي، سيدرس المغرب بعناية تجارب الدول الرائدة في بناء السفن: الصين باستثماراتها الضخمة، كوريا الجنوبية مع تركيزها على الابتكار، اليابان بجودتها وكفاءتها، اسبانيا بصناعتها المتوازنة، فرنسا بتقنياتها المتطورة في الرحلات البحرية والسفن العسكرية، روسيا مع تركيزها على السفن الاستراتيجية وكذلك ألمانيا وهولندا مع تخصصها في أحدث السفن. على الصعيدين الإفريقي والعربي، ستقدم مصر وجنوب أفريقيا ونيجيريا والجزائر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين (ASRY) نماذج يحتذى بها لتطوير هذا القطاع الحيوي.
من المعترف به على نطاق واسع على الصعيد العالمي أن الموانئ وأحواض السفن توفر مناصب عمل كبيرة لقوى عاملة متنوعة. ونظرا للطبيعة المعقدة والمتعددة التخصصات للأنشطة الجارية هناك، تولد هذه المجالات طلبا كبيرا على الموظفين المهرة وغير المهرة. من المعالجين إلى المهندسين البحريين ذوي الدقة العالية، إلى اللحامين والكهربائيين واللوجستيات والإداريين، يقدم النظام الإيكولوجي للميناء والبحري مجموعة واسعة من المهن. لذلك سيكون لتطبيق وتطوير حوض السفن بالمقياس المتوخى بالدار البيضاء تأثير مباشر وملحوظ على خلق الشغل بالجهة وخارجها، مما يساهم في تعزيز سوق العمل وعرض آفاق مهنية للعديد من المغاربة.
ضرورة استراتيجية: استثمار أكثر في القطاع البحري:
من المهم أن تعترف الدولة المغربية تماما بالإمكانات الهائلة للقطاع البحري وتكرس له المزيد من الاستثمارات الكبيرة، مكملة للجهود المبذولة في قطاعات الأراضي. المغرب بقوة قوته الجغرافية الاستثنائية وجبهتيه البحريتين ودوره المتنامي في التجارة الدولية والاقليمية، له كل اهتمام في وضع استراتيجية بحرية طموحة وطويلة الأجل. زيادة الاستثمار في البنية التحتية للموانئ، وتدريب المهنيين البحريين، ودعم الابتكار والبحث البحري، وتعزيز اقتصاد أزرق مستدام لن يعزز سوى القدرة التنافسية للبلاد، وخلق الثروة والوظائف، وترسيخ مكانته كفاعل رئيسي على مشهد البحر الأبيض المتوسط والأطلسي. مشروع الدار البيضاء خطوة في الاتجاه الصحيح، لكن مشاركة الدولة الأوسع والمستمرة أمر ضروري لإطلاق كامل الإمكانات لهذا القطاع الاستراتيجي.
حيث يحتفل العالم بعيد العمال، وهو تقليديا منصة للمطالبة بالحقوق المشروعة وتحسين ظروف العمل، كما له أهمية خاصة في سياق التحديات التي تواجه سوق العمل المغربي. بالنسبة للعديد من الشباب والعائلات، يعتبر الأول من مايو فرصة لإسلاط الضوء على مشكلة البطالة المستمرة والحاجة الملحة إلى وظائف حقيقية ومستدامة تحفظ كرامتهم وتساعد في بناء مستقبلهم. من هذا المنطلق فإن مشروع بناء وإصلاح السفن بالدار البيضاء الذي نعلن عنه في هذا الموعد الرمزي يمثل شعاع أمل ملموس لمواجهة طيف البطالة وتلبية التطلعات المشروعة للعديد من المغاربة بحثا عن فرص العمل والحياة الكريمة.
حوض السفن الكبير بالدار البيضاء: استثمار استراتيجي ونفوذ للشغل:
مشروع ساحة السفن بالدار البيضاء سيمثل استثمارا استراتيجيا متعدد الأبعاد، يهدف إلى تحديد موقع الصناعة المتقدمة، وتعزيز التنافسية الإقليمية، وإنقاذ العملات الأجنبية، ودعم الصناعات ذات الصلة، وترسيخ المكانة الإقليمية للمغرب كقوة اقتصادية وبحرية مؤثرة.
رافعة للعمل و فرص واعدة للشباب المغربي :
هذا المشروع الطموح سيخلق آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، مما يمثل استجابة ملموسة لتحدي البطالة الذي يواجه المغرب. سيولد المشروع طلبا على مختلف المهارات ويعزز نمو القطاعات ذات العلاقة، مما يمكّن الشباب المغاربة من اكتساب مهارات قيمة والمساهمة في بناء مستقبل واعد للقطاع البحري الوطني. هذا الاستثمار سيوفر فرصة لوضع برامج تدريبية متخصصة بالشراكة مع المؤسسات التعليمية والمهنية، بما يضمن توافر المهارات اللازمة لنجاح المشروع على المدى الطويل.
وسيتطلب تحقيق هذه الرؤية معالجة التحديات المتعلقة بتطوير الهياكل الأساسية المتخصصة، وتأهيل المهارات، والتمويل المستدام، وضمان القدرة التنافسية العالمية. ولكن الموقف الاستراتيجي للمغرب والطلب المتزايد على الخدمات البحرية بالجهة وفرص التكامل الإقليمي سيفتح آفاقا واعدة لهذا المشروع الطموح، مما يمكن المملكة من تحقيق قفزة نوعية في قطاعها البحري.
1 ماي الجاري مشروع حوض السفن الكبير بالدار البيضاء يحمل بشرى سارة للشباب المغربي والاقتصاد الوطني سيكون هذا الاستثمار الاستراتيجي خطوة حاسمة نحو ترسيخ مكانة المغرب كرائد إقليمي في بناء السفن وخلق فرص عمل واعدة ودعم التنمية الاقتصادية والإجتماعية المستدامة. انطلاقا من مكانته الفريدة واستلهام الخبرات العالمية والاقليمية والتركيز على بناء قطاع متكامل وتنافسي، سيتقدم المغرب نحو تحقيق طموحاته في هذا المجال الحيوي.
البشير أحشموض
النائب الأول لرئيس غرفة التجارة والصناعة والخدمات سوس ماسة