في ظل استمرار موجات الجفاف التي تضرب المغرب منذ ست سنوات متتالية، تجد المملكة نفسها مضطرة لتبني تقنيات جديدة لتأمين المياه الصالحة للشرب لسكانها، وقد أصبحت تقنية تحلية مياه البحر ليست فقط ضرورة بل حلاً حتميًا لا يمكن الاستغناء عنه.
وتبدو تحلية مياه البحر حلاً عاجلاً لأزمة المياه في المغرب، وأن هناك تساؤلات كبيرة حول مدى استدامة هذه التقنية على المدى الطويل، فالتأثيرات البيئية والمخاطر المرتبطة بالاعتماد المتزايد عليها قد تدفع البلاد إلى إعادة النظر في استراتيجياتها المائية، والبحث عن حلول أكثر استدامة للحفاظ على موارد المياه الطبيعية.
وتحتل محطة تحلية مياه البحر بمدينة الحسيمة، مكانة بارزة ضمن الجهود الرامية لمواجهة أزمة المياه، فهذه المحطة، التي دخلت الخدمة في يونيو 2020، تعد الوحيدة على الساحل المتوسطي للمغرب، وقادرة على إنتاج 17,280 متر مكعب من المياه يوميًا، ما يكفي لسد احتياجات حوالي 200,000 نسمة، أي نحو 0.5% من سكان المغرب.
ومع استمرار الجفاف، بات واضحًا، أن تحلية مياه البحر أصبحت الحل الوحيد لتلبية احتياجات السكان، مشيرا أن التحلية لم تعد خيارًا، بل أصبحت ضرورة ملحة، وفي الحسيمة، حيث يبلغ عدد السكان حوالي 450,000 نسمة، يعكس هذا الحل التحولات الجذرية التي يشهدها قطاع المياه بالمغرب.
وحذر من أن التحلية هي عملية مكلفة ومرهقة للطاقة، حيث تستهلك محطة الحسيمة نحو 20 مليون كيلوواط ساعي من الكهرباء سنويًا، هذا الاستهلاك يعادل ما تستخدمه حوالي 20,800 أسرة مغربية في السنة، وتشير الدراسات إلى أن الاعتماد على الطاقة التقليدية في عمليات التحلية يؤدي إلى زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، مما يفاقم من مشكلة التغير المناخي.
وأمام توجه المغرب نحو بناء المزيد من محطات التحلية، يسعى إلى التخفيف من تأثيرات هذه العملية عبر اللجوء إلى مصادر الطاقة المتجددة، على سبيل المثال، ستعتمد محطة الدار البيضاء الكبرى، المتوقع تشغيلها في 2027، على الطاقة المتجددة بنسبة 100%، وستكون الأكبر في أفريقيا بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 مليون متر مكعب من المياه سنويًا.